الدقيق والفلاشا أو .. الدولار والتهريب ! (2) تحليل سياسى : محمد لطيف

محمد لطيف

(فلنحصى فى البدء عدد الأخطاء التى إرتكبها البنك المركزى فى خبر لم يتجاوز مائة وعشرين كلمة فقط .. ! و غدا نحدثكم عن مؤشرات فشل السياسة الجديدة ) .. هذا ما انتهينا اليه بالأمس .. فالعنوان الأبرز الذى يمكن أن يتسيد إجراءات وسياسات وقرارات البنك المركزى منذ إنتقال صناعتها .. من مستوى محافظ للبنك المركزى الى مستوى مدير للمكتب التنفيذى .. هو الوصول الى عكس ما ترمى اليه أية خطوة .. فإذا كانت مهمة البنوك المركزية فى كل الدنيا .. المحافظة على عملتها الوطنية ووضع التدابير كافة التى تحميها من الضعف أو التراجع أمام العملات الأخرى .. فإن البنك المركزى هنا .. يتنكب جادة الصواب فى كل قرار يتخذه .. ليقود الى نتيجة عكسية تماما .. ولكن البنك المركزى هنا اصبح اكبر مهدد للعملة الوطنية .. حد أن اعلن المركزى ذات يوم أنه مستعد لتوفير إحتياجات الجهات الحكومية من العملات الصعبة بالسعر الموازى .. هل يعقل هذا ..؟ !
ولكن المركزى اعفانا من جهد الإحصاء والحصر لأخطائه التى تتسبب فى رفع سعر الصرف .. فهاهو القرار جاهز .. ( رفع بنك السودان المركزي السعر الرسمي للدولار إلى (26) جنيهاً بإضافة حافز جذب تحويلات السودانيين العاملين بالخارج البالغ (18,8) جنيهاً إلى السعر التأشيري للدولار البالغ (6,8) جنيهات اعتباراً من يوم 21 يناير الجاري .. وحسب المنشور أن بنك السودان المركزي أجرى تعديلاً على سعر الدولار بإضافة الحافز إلى السعر التأشيري ليصبح سعر الدولار الرسمي (26) جنيهاً. ووجه منشور اصدره المركزي اليوم الخميس كل من المصارف والصرافات بتطبيق منشوري إدارة السياسات رقم 2018/5و2018/6 إعتباراً من يوم الأحد الموافق 21 يناير 2018م .. وإستثنى المنشور الودائع الاستثمارية وحساب جاري الرئاسة والفروع وحساب الأرباح والخسائر من جملة الخصوم الخاضعة للاحتياطي النقدي القانوني .. وعزا المنشور الامر تماشياً مع متطلبات المرحلة بتوجيه المزيد من الموارد للقطاعات الإنتاجية .. وتمكين المصارف من تعزيز قدرتها الاستثمارية ) ..! حسنا .. النتيجة المباشرة لهذا القرار .. تخفيض سعر الصرف الرسمى للجنيه أمام الدولار بنسبة 44 % تقريبا .. بقرار واحد .. !
هل إنتهى الأمر .. بالطبع كلا .. فما بدأناه بالأمس لم ينتهى .. كنا نتحدث عن الدقيق .. فمن قرارات المركزى ايضا .. السماح للمستوردين بإستيراد القمح .. والقرار يبدو جميلا ومتسقا مع توجه الدولة المعلن بالخروج من السوق .. ولكن المصيبة أن الدولة تخرج من السوق .. ثم تترك الحبل على الجرار .. فمنشور المركزى قال إن على المستوردين أن يحصلوا على التمويل من مواردهم الخاصة .. يعنى السوق الأسود .. بالطبع خروج الدولة من إستيراد القمح يفترض أن يوفر للبنك المركزى حوالى 600 مليون دولار .. وبالطبع كذلك .. ينبغى أن يذهب هذا المبلغ لدعم الرصيد الرسمى من العملة الصعبة .. ليتحسن بذلك سعر العملة الوطنية .. أى أن الراغبين فى الإستيراد ينبغى أن يحصلوا على إحتياجاتهم من الدولار من نوافذ مصارفهم التجارية .. ولكن .. هل سيحدث ذلك .. ؟ ليس فى وارد الإحتمال .. وهذا يعنى فى المقابل أن أى زيادة فى الطلب يعنى زيادة فى سعر شراء الدولار .. وبالتالى مزيدا من تخفيض العملة الوطنية .. كل هذا بفضل سياسات المركزى .. الذى فى ما يبدو إستمرأ التجريب .. ولما لا .. فلا أحد يسأل .. ولا أحد يحاسب ..!
وبالرجوع الى عنواننا .. فقد ظن البعض أننا سنتحدث عن دور بعض (الشركات ) فى تهريب الدولار .. فى الواقع لم أفكر فى ذلك ..!

اقرأ أيضًا
تعليقات
Loading...