الدكتور ابراهيم الصديق علي يكتب رؤى وأفكار
تساؤلات: بين يدي شورى الوطني
(1)
.. الأحزاب تعبر عن نبض الشارع وإحساسه، ولذلك أتصور أن تقاريرها وأوراق الأعمال تبحث عن هذه الجزئية وتستقصي عنها، بالأمس سألت بروفيسور كبشور كوكو رئيس مجلس شورى المؤتمر الوطني عن “قياسات الأثر” للسياسات سواء اقتصادية أو قرارات تنفيذية وانعكاسها على المواطن وتأثره بها، وزيادة ارتباطه بالحزب أو ابتعاده عنه، وثقته في الأجهزة..
.. وهو سؤال يثور في وجهي كلما استمعت إلى تقارير رسمية وتنفيذية تتحدث عن زيادة نسبة النمو إلى 4% وانحسار الفقر إلى 35%، واتجاهات السياسة الاقتصادية الجديدة إلى خفض التضخم إلى 19.3% بينما الواقع أمر آخر تماماً، فهل الاشكال في رسم السياسات والخطط أم في تنفيذها أم الاثنين معاً، أم ان هناك بعداً آخر لم نتمكن من تحسسه وتلمسه، ولذلك ظننت أن آليات الحزب في المتابعة والقراءة والفحص تختلف عن الإجراءات والتقارير المكتبية التي تركن إلى وقائع قد تصدق وتتحقق أو قد تنحرف عن مسار تحقيقها..
وبالقدر نفسه، فإننا نتحدث عن الاصلاح وتلك الوثيقة والمؤسسية، والأخ نائب رئيس الحزب يطوف من ولاية إلى أخرى، بينما هناك مظاهر عديدة للتململ، والخلافات العاصفة، والتي تتجاوز وجهات النظر وحيوية الحزب إلى تعطيل الأداء وإثارة الغبار حول فاعلية أجهزة الحزب وقدرته على إدارة شأنه الداخلي.
(2)
إن من الجيد، أن تنعقد شورى الوطني وتتناقش حول كل قضايا الوطن والتحديات الماثلة والظرف السياسي شديد الدقة، وفي الأفق مهددات أمنية، وفي الداخل حالة استقطاب سياسي، وأسوأ حالة حزبية أن يكون من هم على الرصيف أكثر ممن ينخرطون في الفعل السياسي وذلك لاحساس البعض أن أوعية الحزب لا تحتمل الأفكار الخلاقة والمبادرات الجسورة، وهذا أمر يحيل الحزب من مصدر الإشعاع والمبادرة والقيادة إلى دائرة (التكلس) و(الركون) واهتزاز المواقف، إننا بحاجة للأصوات الجهيرة ليس لأي شيء آخر سوى مصلحة الوطن ورفاه المواطن، وبهذا الأمر يكسب الحزب زخمه وليس كثرة العضوية وإنما تبني قضايا الناس والالتفاف حولها.
.. وربما يشاركني الكثيرون، أن قوة المؤتمر الوطني وفاعليته وتمدده في الساحة السياسية، نتاجا لضعف الآخرين، وهذه نقطة ضعف كبيرة، لأن قوة الحزب من امتلاكه القدرة على الريادة والفعل والزخم، وهذا أمر يتطلب مقاربات واسعة وليس تقارير وأرقام واحصاءات، ومن البصيرة أن نمضي للأمام في وقت يظن الآخرون اننا نتراجع ومن اتساع الرؤية ألا نتراجع لمجرد عدم قدرة الآخرين او استعدادهم للسير قدماً.. إن أمام شورى الوطني، فرصة لتلمس الواقع والتبصير عنه بشفافية، وقراءة فاحصة..