الدكتور ابراهيم الصديق علي يكتب رؤى وافكار
روايات خاصة : تباريح خاصة
(1)
حين ينساب النسيم العليل وتهدأ الحركة، يتسلل للعاشقين إحساس ومشاعر أخرى، تحركها لحظات بسيطة ولمحات دقيقة، فهذه البادية تتميز برهافة الحس والقدرة على التعبير تصريحاً وتلميحاً، ويبقى هؤلاء يهزهم لمع البروق، وقطرات المطر، والنجيمات البعيدة، وكما قال ود السميري:
لا من غابن الخيل والعصى وكافرهن
النوم رأسه يا الغجري المقل نافرهن
ستات الصبا الأبى ينلبس غافرهن
وا ويلك شبع لهطي وبقيت تابرهن
ولكن وحيح الصادق ود الحلال تكاد تسمعه من بعيد وهو يعاني هجر العيون للنوم والاستراحة والاسترخاء:
البارح على جمر الصنوب بتعرك
لا من كوكب الليل المقابل ورك
ضاع صبري وعلى حسساً قديم اتحرك
من عانس جدي النقع أم عسيناً فرك
وتلك أسباب معاناة الحردلو، بعد ان امتد به العمر وهو يقول:
بعد سبعين سنة وبيض سبيب عيني
ما بحسب أساهر من طوارق الغي
شوق زينب ترى خلاني مني ولي
أشكي على الغصون لي من يعرف ال بي
ويقول ود شوراني فى مدارات اخرى :
أنا يا البلبل الفوق راس فروعك ساجعة
ضيفي على وجعك ونومي قبل الهاجعة
ريد الفرقه صحى العين بعد مى ضاجعه
اتلف صحتي وعاد لي الوحايح راجعة
(2)
ان صبايا قد اختطفن القلوب المرهفة، فقد قال بشرى إبراهيم باعترافه:
أنا كان عندي والي ولا صاحبي صليح
كان جنزرني ما دام عقلي ما هو نصيح
بقيت في صلاتي بذكر هواها وأصيح
أنم في الركعتين والباقي أتمه نويح
وذكرياتهن تجدد أحزان القلب والوجدان، كما قال ود شوراني خلال مجادعة مع ود آمنة:
البارح نسيم ريحاً طلق من جبره
ذكر عقلي بي ود العنانيف هبره
أح من فلانة وجرحها الما بيبره
قلبي عليها ناح بعد اليقين والصبره
وما زال ود السميري يذكر إعجابه بأبيات الصادق في رباعيته:
جزيعي وعدم صبري وزلازلي وخوفي
من سراجة الدعجة الوضيبة مفوفي
الخلاني من الغيره كتر عوفي
ريدها وعشقها البنّا في مدائن جوفي
ويبدع ود شبيس وهو يجمع لواعج الليل والنار متوالية عليه:
الليل فوق صنوبر والنهار ملاله
من وحات فلانة الأريل الوقاله
يوم الحفلة لي مد الشباب كياله
مايقها عين جدي سمحة قفا وقداله
وقال شاعرنا ود حسيب:
فرقك يا الغرامك في دواخلي يعضي
أشعل ثورتي وقلب المواقف ضدي
أكبر لصلاتي وأقول خلاص متقضي
القى القبلة خلفي وذاتي ما متوضيء
وقال الصادق ود الحلال :
أكبر لي رغيبة الفجر وهي توازي لي
واتدهور وسورة الحمدو ما تمشي لي
وكت المولى فك على أم شديدة وكيلي
كيف ضمانة فوق راع الكزازي زميلي
(3)
قديماً قال الشاعر شمس التلمساني:
لا تخف ما فعلت بك الأشواق
وأشرح هواك وكلنا عشاق
لا تجزعن فلست أول مغرم
فتكت به الوجنات والأحداق
وهو ما عجز عنه الحردلو وهو يكتم سره:
يا خالق الوجود أنا قلبي كاتم سره
ما لقيت من يدرك المعنى بيه أبره
بهم منصح الوادي المخضر دره
قعدت قلبي تطوي وكل ساعة تفره
ولذلك يلوذون بالليل يبثونه النجوى وتباريح الهوى، وقد فارق المقل المنام ورحلت الأفئدة إلى ديار بعيدة، حيث ترتاح بالقرب وكما فعل شاعرنا بازرعة حيث قال:
كل طائر مرتحل عبر البحر حملته أشواقي الدفيقة