الشائعات.. حرب الحكومة علي نفسها!
تحليل سياسي : محمد لطيف
بالتزامن مع تزايد حدة الاحتجاجات الشعبية على الموازنة الجديدة .. وما أفرزتها من آثار خطيرة على معاش الناس .. تزايدت حدة الشائعات و حجمها وتعددت وجهاتها .. ولعل هذه الشائعات بالامس قد بلغت أوج قمتها .. بالعودة بالقطبين الإنقاذيين علي عثمان ونافع الى كابينة القيادة دفعة واحدة .. غير اننا للدقة نقول ان هذا التواتر وهذا التدفق الشائعاتي .. ان جاز التعبير .. قد بدأ تصاعده خلال الثمانٍ وأربعين ساعة الماضية .. وان بلغت قمتها بالامس .. فالجدل الذي بدأ منذ يومين حول استقالة البروفسير ابراهيم غندور وزير الخارجية .. ومدى صحتها وعدم ذلك .. ثم جدل متطاول حول اسبابها .. متزامنا ذلك مع تحميل الدكتور عوض احمد الجاز كامل المسئولية فى أزمة غندور .. حتي ظن الناس انه سيرثه .. الا ان المفاجأة ان مروجي تلك الشائعة او صانعيها .. كانت لهم حبكة اخرى للنهاية .. فما ان انتصف نهار الامس .. الا وكان الناس قد شارفوا حد اليقين ان غندور قد غادر مقعده في الخارجية .. وان مطرف صديق قد خلفه فى المنصب ..!
ولئن كانت لشائعة اقالة غندور خلفية او مبررا .. وهو الخبر الذي نشرته السوداني وأكده البروفسير غندور نفسه .. الا ان الشائعة التي خرجت من العدم فقد كانت تلك التي عادت بالأستاذ علي عثمان محمد طه والدكتور نافع على نافع الى واجهة الأحداث .. ويبدو ان من صاغ شائعة القطبين قد استند لا الى الغضبة الشعبية المتصاعدة هذه الايام علي الحكومة فحسب .. بل وبالأساس الى الامتعاض الذي عبر عنه مسئولون كثر في الحكومة .. بل وداخل المؤتمر ألوطنى .. وليس سرا ان بعض هذا البعض ظل ينتاش من جانب خفى النائب الاول رئيس مجلس الوزراء .. في محاولة لتحميله مسئولية الأزمة الاقتصادية .. مع الإيحاء بان ثمة تغيير كفيل بمعالجة الأزمة والخروج من عنق الزجاجة .. غير ان اللافت للانتباه أمرين .. خاصة في موضوع الاستاذ علي عثمان .. فصحيفة الوطن الصادرة صباح أمس .. بلغت بها الثقة حد ان وضعت عنوانها الرئيسى للعدد .. توقعات بعودة علي عثمان رئيسا للوزراء .. وليس من المنطق ان صحيفة الوطن .. وهى صحيفة سياسية .. يعرف محررها وناشرها أصول اللعبة السياسية وتوازناتها .. فلا يعقل ان تكون قد حصلت علي معلومة عابرة من .. اى مصدر .. لتنشره في صدر صفحتها الاولى فى هذا الظرف السياسي بالغ التعقيد .. فلابد .. إذن .. ان مصدرا ذو ثقل قد سرب للصحيفة هذا الامر .. فاطمأنت اليه وخرجت به .. واللافت ان هذا الخبر قد نشر في وقت مبكّر من صباح الامس فى واحد من ابرز مجموعات التواصل الاجتماعي .. تطبيق واتساب .. ثم لحقت به منتصف النهار شائعة عودة على عثمان ونافع .. و ان واحدا من المقربين جدا من .. شيخ على .. موجود ضمن تلك المجموعة .. ولَم يعلق لا علي خبر الوطن ولا علي شائعة عودة طه ونافع .. !
غير ان المراقبين ينقسمون الان الى مجموعتين في تفسير هذه الشائعات .. مجموعة تعتقد ان الهدف من هذه الشائعات .. المتزامنة مع تعقيدات الاقتصاد ومعاش الناس و ضيق الحياة .. هو الهاء الناس عن قضايا رئيسة ينبغي ان تشغلها.. وهذا يعني ان جهة ما .. ذات سطوة وقدرة تقف خلف هذه الشائعات .. والهدف واضح بالطبع .. وهو انصراف الناس عن التفكير فى مناهضة الإجراءات الاقتصادية .. وانتظار التغييرات القادمة بحسبانها ستأتي بالمن والسلوى ..!
اما المجموعة الاخرى فتعتقد ان موجة الشائعات يقف خلفها ويروج لها بعض المنسوبين للنظام نفسه .. او المحسوبين عليه .. ممن أضيرت مصالحهم .. فيسعون للضغط بكل السبل للعودة لزمان سطوتهم .. واهم السبل وأفضلها نجاعة .. في نظرهم .. الترويج لان الأزمة طارئة .. وان عودة الحرس القديم .. كفيلة بانقاذ الموقف .. وحتى وان لم تحقق هذا الهدف فيكفي ان تُشكك الرئيس فى من بقي حوله .. كمرحلة أولى على الاقل .. الملاحظة الاخيرة ان الأسماء المتداولة عنوانها العريض مجموعة نيفاشا.. !