الشربكا يحلها أحمد دندش
ما هو المطلوب من رامز جلال (السوداني)؟
أرفض دوماً فكرة قتل الأفكار البرامجية المميزة من أجل أخطاء طفيفة صاحبت العرض، ومكمن رفضي يعود لقلة الأفكار البرامجية المميزة التي صرنا نراها على شاشاتنا المحلية، مما يحتم علينا كصحفيين فنيين التريث قليلاً قبل أن نحكم على مجمل تلك الأفكار بالقدر الذي يتيح لها التطور مستقبلاً، لكن هذا الإحساس -مع الأسف- لم يراودني وأنا أكتب هذا المقال!
ما ساقني لهذه المقدمة هو (الجدل) الكبير الذي صاحب عرض برنامج (عليك واحد)، ذلك البرنامج الذي تم اقتباس فكرته الأساسية من سلسلة مقالب رامز جلال والتي ظلت تحقق أعلى المشاهدات في كل مواسم رمضان.
شخصياً، أعتقد أن أكبر خطأ ارتكبه القائمون على امر برنامج (عليك واحد) هو تركيزهم الشديد مع برامج مقالب رامز جلال، وإصرارهم الشديد على أن يكون برنامجهم (نسخة مشوهة) من تلك البرامج، وأبلغ دليل على هذا هو (التلبس) الواضح لمقدم برنامج (عليك واحد) لشخصية رامز جلال، ذلك (التلبس) الذي وضح جلياً في أولى حلقات البرنامج عندما تحدث مقدم البرنامج (السوداني) باللهجة المصرية، ليؤكد بذلك وبالدليل القاطع أنه محض (معجب) برامز جلال وليس مقدم برامج يحمل (شخصية مستقلة) وتلك أولى (النقاط السوداء) التي تسببت في إثارة جدل كبير حول البرنامج منذ عرض أولى حلقاته.
و(افتتان) مقدم برنامج (عليك واحد) برامز جلال لم يقتصر على جزئية (اللهجة) وحسب، بل تعدى ذلك ليصل إلى مرحلة (التقليد الأعمى) في فكرة المقلب نفسها، فرامز جلال عرف في كل الوطن العربي بمقالبه (المميتة) و(الخطيرة)، وهو الأمر الذي جعل مقدم برنامج (عليك واحد) يجاري تلك الأفكار (المتجاوزة) دون أن يضع في حساباته اختلاف أمزجة نجوم الدراما والفن العرب عن أمزجة النجوم السودانيين، إلى جانب اختلاف البيئة والضوابط المجتمعية، لتخرج مقالب (عليك واحد) بذلك الشكل (المزري) والذي تسبب في رفض عشرات الفنانين لبث حلقاتهم التي تم تصويرها خوفاً على نجوميتهم من مثل ذلك (الهراء البرامجي) -إن جاز لنا أن نطلق عليه تلك الصفة-!
أمر آخر تجب الإشارة إليه فيما يتعلق بـ(علاقة الربط) بين برامج رامز وبرنامج (عليك واحد)، وهو الخاص بالميزانية، فبرامج رامز وكما هو معروف توضع لها ميزانية خيالية، ويتم ترتيب مبالغ مالية ضخمة جداً لضيوف البرنامج وذلك في سبيل كسب ودهم وعدم اعتراضهم على بث الحلقات، وهو ما لا يتوفر لبرنامج (عليك واحد) والذي يتم إنتاجه بميزانية (محدودة جداً).
نقطة أخيرة يجب أن نسلط الضوء عليها وهي الخاصة بفكرة المقلب نفسها، فأفكار برامج رامز جلال (خطيرة) على الضيوف، أما أفكار (عليك واحد) فهي خطيرة على (المجتمع) بشكل عام، وإلا فكيف نفسر مقلب الموسم السابق الذي يجسد شخصية السودانيين كـ(رباطة) يقومون بقطع الطريق ويضربون الناس؟.. أو كيف نفسر فكرة الموسم الحالي والتي يتم خلالها تقديم (خدمة جليلة) لكل (عشاق سرقة السيارات) والذين يستفيدون من ذلك البرنامج كـ(كورس مجاني) لتعليمهم كيفية فتح السيارات وكسر أقفالها بكل بساطة وبأقل مجهود؟
قبيل الختام:
أمس شاهدت حلقة البرنامج التي تمت استضافة المذيع محمد عثمان خلالها، تلك الحلقة التي تم إجراء تعديلات واسعة بداخلها -عقب النقد الكثيف الذي لازم البرنامج خلال اليومين الماضيين- تلك التعديلات التي كان أبرزها إضافة عبارة (مشاهد تمثيلية) عند اقتحام الشرطة لمقر الشركة، وذلك لإسكات الأصوات التي ظلت تطالب بضرورة تدخل الشرطة لإيقاف البرنامج والذي يسيء إلى مؤسستها ويقدم (صورة قبيحة) عن كيفية تعامل أفرادها مع (الأزمات)، بالإضافة إلى تعديل آخر تم داخل الحلقة، وهو حذف مشهد كسر أقفال السيارة، وهو تعديل أيضاً قُصِدَ من خلاله تشتيت الانتباه عن خطورة ذلك الفعل الذي يقوم به فريق عمل ذلك البرنامج!
شربكة أخيرة:
للأسف، التعديل الذي تم خلال حلقة الأمس لن يسكت الأصوات المُطالِبة بإيقاف البرنامج ولن يُقنع الساخطين على ذلك البرنامج. المطلوب قبل تعديل الحلقات هو تعديل (الفكرة) نفسها بالقدر الذي يجعلها (سودانوية) خالصة الملامح تحترم (آدمية) الإنسان وتحفظ حقه في الأمن والطمأنينة والعيش بسلام.. فهل وصلت الرسالة.؟