القلم السيال

أول مسلم!

عندما تكون الأمة عاجزة عن اللحاق بركب الأمم المتقدمة، وعندما يكون أفرادها غافلين عن معنى الانتظام في الهم العام، وتضربهم الأنانية وتفرقهم العصبية وتقعدهم الجهوية فإنهم يتشبثون بصغائر الأمور التي يعتبرونها دليلاً على أنهم يمكن أن يكونوا أمة، وهي لا تثمن ولا تغني من جوع.

♢ ماذا يعني أن يعتلي مسلم رئاسة وزراء الجارة أثيوبيا؟! ماذا سيضيف للأمة الإسلامية؟! ولدينا أكثر من خمسين رئيس مسلم لمثل عددهم من الدول المسلمة. فماذا فعلوا؟! والمسلمون يقتَّلون في كل مكان ويضطهدون في بلادهم وتنهب ثرواتهم وتغتصب أرضهم ويُهجَّرون منها أو تقام عليها دول تعادي الإسلام ولا يحرك هؤلاء الرؤساء ساكنا، ولا يقولون حتى كلمة (لا) لدرجة أننا أصبحنا نَحِنُّ إلى عهد الشجب والإدانة والتنديد والاستنكار!! ودخلنا في مرحلة الخسوف والكسوف والانكسار الكلي!

♢ في تقديري أن انتخاب اللجنة المركزية لحزب المنظمة الديمقراطية لشعب أوروميا الأثيوبي للمُسْلِم (أبي أحمد) رئيساً جديداً للحزب وبالتالي ربما كان ذلك تمهيداً لتوليه رئاسة الوزراء ليخلف هيلا ميريام ديسيلين الذي استقال من المنصب، لايعني شيئا يستحق كل هذا الاحتفاء الإعلامي الذي وصفه بأنه أول مسلم يحكم أثيوبيا باعتبار أن منصب الرئيس منصب تشريفي بروتوكولي.

♢ وكثير من الأخبار التي تنشغل بها مواقع التواصل الاجتماعي والصحف مثل فلانة التي… أو فلان الذي فاز بمنصب عمدة لندن أو تبوأ مقعداً في إحدى الولايات الأمريكية أو غير ذلك من الرياضيين المبرزين أو الفوز ببحث علمي أوخلافة، لا تعني على الإطلاق أننا أمة مجيدة.

♢ أذكر أنه عند فوز باراك أوباما الأمريكي المسيحي ابن حسين أوباما الكيني المسلم برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية كان كثير من المسلمين قد كبروا وهللوا. وكنت قد قلت للصديق العزيز محمد إمام محمد يوسف: إن أوباما لن يستطيع فعل شيء لفلسطين ولا للمسلمين. لأنه ببساطة لو لم يكن مَرضيّاً عنه من اللوبي اليهودي في أمريكا لما ستطاع اعتلاء كرسي الرئاسة. ثم إن النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي في تلك الدولة مستتب، والرئيس هو عبارة عن أكبر موظف لدى الشعب الناخب ودافع الضرائب.

♢ وكذلك أبي أحمد لن يستطيع أن يخرج عن نظام حزبة وتقاليد دولته. وللعلم فإن أثيوبيا حتى دخول الاستعمار إليها كان أكثر سكانها مسلمين فخرج معظمهم من المدن إلى الأرياف نأياً بأبنائهم عن التنصير وظلوا يعملون في الزراعة والرعي ويحملون منتجاتهم إلى المدن يبعونها ويعودون. وتركوا التعليم وخدمات المدن للمسيحيين الذين علموا أولادهم أحسن تعليم وجعلوا واجهة أثيوبيا مسيحية.

♢ فهل يستطيع أبي أحمد أن يفعل شيئاً في هذا الشأن؟ الإجابة إنه ليس مهموماً بمثل هذه الأمور. ولا يفكر مثل تفكير الذين ركزوا على أنه مسلم. وإنما سيلتزم التزاماً قاطعا بمنفستو الحزب ودستور البلاد.

♢ أيها المحتفون لاتغرقوا في شبر (مية). وتعالوا نفكر كيف نكون تروساً في مكينة تحريك الأمة المعطوبة.

صحيفة آخر لحظة

اقرأ أيضًا
تعليقات
Loading...