ثورة ” أرحل” في السودان خلال الأسبوعين الأولين حسابات الربح والخسارة
محمد أحمد شقيلة
محاضر – قسم العلوم السياسية
جامعة بحري – السودان
3 يناير 2019
1. منذ المظاهرات التي اندلعت بمدينة الدمازين ومن بعدها مدينة عطبرة في السودان .. لم يمر يوما واحدا دون ان تشهد البلاد فيه مظاهرات شعبية تقول: “أرحل”.. وآخرها نهار اليوم في مدينة بورتسودان.. وربما يشهد مساء اليوم احتجاجات شعبية في مكان آخر من البلاد.. وباعتبار ان الاحتجاجات المسائية أخذت تكون ظاهرة مألوفة.
2. تمكن المواطنون من كسر حاجز الخوف والبطش واستخدام النظام للعنف المفرط ضدهم.. واصبحوا يتظاهرون والرصاص الحي يتطاير من فوقهم وينال من بعضهم ممن نحسبهم شهداء عند الله تعالي ومن أجل الوطن.
3. استطاع الشعب ان يجعل النظام يتراجع عن قتل المتظاهرين كسياسة اعتمد عليها في الايام الاولي لقمع الاحتجاجات وتخويف المتظاهرين .. حيث قابلت النظام في ذلك موجة غضب شعبية عارمة.. حيث يلاحظ تدني عدد القتلي من المواطنين المتظاهرين من بعد.. فملحمة القندول مثلا ورغم ضراوتها .. فقد قتل النظام فيها متظاهر واحد نسأل له القبول عند الله تعالي شهيدا.
والواضح ان النظام اضطر للتخلي عن أسلوب القتل الذي اصبح يزيد من غضب المتظاهرين والمحتجين بدل من ان يعمل علي تخويفهم.. واخذ يعتمد علي اسلوبي تفريق المظاهرات والاعتقالات.. وهذا تقدم جيد حققته هذه الثورة ان أجبرت النظام علي التخلي لحد بعيد عن سياسته القمعية الاولي التي يعتمدها في احتواء الاحتجاجات الشعبية ضده منذ مقدمه في العام 1989 ومرورا بانتفاضة سبتمبر 2013.
4. تمكن المتظاهرون من الحفاظ علي سلمية التظاهرات وعدم اعطاء الفرصة للتخريب والتدمير لاي جهة تسعي لاجهاض الثورة.. وبمثلما حدث في 2013.. بل وافشلوا للحكومة مخططها لجرهم لمبادلتها العنف.. واحتفظوا بسلمية ولا عنف ثورتهم.. ومن ثم افقدوا آلة الحكومة القمعية الجبارة وأدوات عنفها الهائلة فاعليتها واصبحت غير قادرة علي استخدامها علي الاقل بالطريقة التي تريد.. حيث يصعب ذلك في ظل محتجين ومتظاهرين يصرون علي السلمية واللاعنف في المواجهة.
هذه عبقرية ثورية وحكمة افتقدها الثوار في ليبيا واليمن وسوريا.. حيث لجأوا للعنف في مواجهة من يعتبر سيد العنف ومحترفه.
كما ان التاريخ يخبر ان انجح الثورات هي تلك السلمية التي ابتعد فيها الثوار عن استخدام العنف ضد السلطة او الحكم او الحاكم المستبد.. واصرارهم علي سلميتها.
5. “ثورة أرحل” قدمت الاجابة العملية للجماهير السودانية عن السؤال الذي بثه النظام اوساطهم منذ أمد والقائل: “من هو البديل للنظام حال الثورة عليه والتمكن من اقتلاعه – البديل منو؟”.. ورغم ان هذا السؤال اجابته معروفة وان كانت غير شائعة تتمثل في شقين: إن طبيعة كل ثورة وظروفها هي التي تأتي بقيادتها.. من كان يعرف قيادات تونس الحالية ايام ثورة ربيعها العربي.. من كان يعرف محمد مرسي اول رئيس لمصر ما بعد الثورة.. من كان يعرف أن السيسي سيكون رئيسا عندما اندلعت الثورة الثانية في مصر عندما حاول مرسي والمتأسلمون المصريون الانحراف بحكم ونظام مصر والاقتداء بتجربة الاخوان في السودان لغبائهم بدلا عن الاقتداء بالتجربة التركية.
هذا غير الشق الثاني من الاجابة والذي يتم تقديمه لاهل الانقاذ انفسهم والقائل: “دعونا من بديلنا لكم.. وقولوا لنا من هو بديلكم للبشير إن استيقظنا جميعا يومآ صباحآ ووجدناه قد ذهب إلي بارئه؟” سؤال يلجم لسان أفصح رجالات النظام.
“ثورة أرحل” بتقديمها ل “تجمع المهنيين السودانيين” قيادة تكون قد قدمت الاجابة عن هذا التساؤل وبصورة عملية.
والاجمل في قيادة هذا التجمع انهم من الذين يجمعون بين الخبرة الاكاديمية او المهنية والخبرة السياسية التي تجعلهم قادرين علي الا تنطلي عليهم الاعيب ودهاء السياسيين التي يمكن ان يمارسوها خلال الثورة وما بعد الثورة بغية سرقتها وكما فعلوا مع جبهة الهيئات القيادة الانتقالية لانتفاضة اكتوبر 1964 برئاسة سر الختم الخليفة عميد المعهد الفني وقتها – جامعة السودان حاليآ إلي حد كبير او كما سرقوا انتفاضة الشعب من قيادته في إبريل 1985 والمتمثلة في تجمع المهنيين والذي كان يأخذ وقتها اسم التجمع الوطني لانقاذ البلاد.
في ظل القيادة الحالية والجماهير الحالية لا مجال لسرقة الثورة.. فالقيادة اكثر من واعية للمناورات التي بدات تقوم بها الاحزاب والتنظيمات السياسية المعارضة.. تلك التي يكفر بها الشعب ككفرانه بنظام الانقاذ الحاكم والذي يحملهما معا مسئولية الاوضاع المتردية التي آلت اليها البلاد و يعيشها العباد.. ويؤكد ذلك نظرة القلق والريبة التي ينظر بها شباب الثورة لتحركات هذه الاحزاب لركوب قطار الثورة والهواجس وحالة عدم الارتياح لهم في ذلك.
هذا يعكس مدي ارتفاع درجة الوعي لدي قطاعات واسعة من الشعب السوداني ومدي ذكائه والملاحظ منذ فترة ليست بالقصيرة.. فعندما اندلعت الانتفاضة الشعبية في 2013 كان المد الشعبي في تزايد يوميآ.. ولكن منذ أن أدخلت الاحزاب المعارضة يدها “الكافرة” في الانتفاضة.. رفع الشعب بذكائه يده عنها.. ولذلك فإن الخوف الوحيد لان لا تأتي “ثورة ارحل” الحالية أوكلها يأتي في المقام الاول من ان تجد هذه الاحزاب لنفسها موطئ قدم فيها والسيطرة عليها من بعد وتهميشها لتجمع المهنيين القيادة الفعلية للثورة.. ومن ثم انفضاض جماهير الثورة وتركها للجمل بما حمل لاحزاب المعارضة التي جماهيريتها من الضعف بحيث لا يمكنها اقتلاع النظام.. بل وبامكانه احتوائها بسهولة.
إن الوعي الشديد لقيادة تجمع المهنيين وجماهير الثورة في كله هو الذي يبعث الاطمئنان أن لا مجال للقوي السياسية الا في نهاية الفترة الانتقالية التي لن تقل هذه المرة عن 4 سنوات بأي حال.. والتي يتمثل دورهم خلالها في التوصل لاتفاقات سلام مستدام مع الحركات المسلحة.. وعقدهم جميعا من بعد لمؤتمر دستوري يضع اسس حكم البلاد.. ومن ثم يضعوا دستور دائم للبلاد يتوافقون عليه.. يعقبه اجراء انتخابات حرة نزيهة تؤول بموجبها السلطة إليهم.. وخلاف ذلك سيتجاوزهم الناس وسيتم تأسيس قوي سياسية (شبابية) من شباب الثورة بل ومن شباب هذه الاحزاب نفسها بعد تجاوزها لقيادتها الهرمة يؤسسون لسودان برؤي وافكار جديدة طالما ان المستقبل لهم.. ولا عزاء في أحزاب وقوي المعارضة الحالية.. وليتهم يأخذوا هذا القول بمحمل الجد لأنه سيحدث ان لم ياخذوه كذلك وسيجدون نفسهم خارج الملعب السياسي يومآ إن استهزأوا به.. وهذا يقال بكل ثقة .
6. جاءت “ثورة أرحل” في زمن قاتل للنظام يعيش فيه صراعات داخلية تجاوزت أطرافها.. ولاول مرة.. الخطوط الحمراء فيما بينها.. فعناصر النظام من اولئك الذين تم اقصائهم من السلطة السياسية علي مستوي الجهاز التنفيذي والمناصب القيادية في حزب المؤتمر الوطني.. وتم حصرهم داخل المجلس الوطني الذي لا يتعدي ان يكون سوي (الذراع التشريعي للسلطة التنفيذية) يأتمر بأمرها وينتهي بنهيها.. وذلك الي حين عقد انتخابات 2020 ويتم التخلص منهم نهائيآ بعدم ترشيح الحزب لهم نهائيآ في الانتخابات.
لما كان هؤلاء يعرفون ذلك.. فقد قرروا ان لا يستكينوا له وان يصارعوا بكل ضراوة وباعتبار انه اصبح ليس لديهم ما يخسرونه.. واختاروا خلق الازمات الاقتصادية كاداة جديدة في الصراع.. والتي كانوا يستخدمونها بفاعلية ومتمرسون فيها خلال فترة حكم الديمقراطية الثالثة.
ان الازمة الاقتصادية الحالية لها سببين: الاول السياسات الاقتصادية الخاطئة والتي مازالت مستمرة.. والثاني خلق هؤلاء لازمات بطرق معقدة فيما يلي شح السيولة النقدية.. ورفع قيمة العملات الحرة مقابل الجنيه السوداني.. وخلق الازمات في سوق الوقود خاصة الديزل او الجاز ودقيق الخبز.
والواضح ان طريقتهم هذه قد اتت اكلها علي نحو ما في تحريك الشارع حتي بات يهدد سلطة النظام بتقويضها عبر اندلاع “ثورة ارحل”.
هذا ناهيك عن الصراع الذي تقوده تلك المجموعة الرافضة لترشح البشير لمنصب الرئاسة في انتخابات 2020..
فوق ذلك هنالك الصراع بين حزب المؤتمر الوطني الحاكم والحركة الاسلامية وحالة والشد والجذب بينهما حول تبعية أيهما للآخر.. والذي اكبر العقبات فيه ان نصف عضوية المؤتمر الوطني اعضاء في الحركة الاسلامية.. ونصف عضوية الحركة الاسلامية اعضاء في المؤتمر الوطني.. وهو ما يصعب كثيرا من امكانية نجاح اي محاولة لحل هذا الصراع.. فاي طرفين يمكن التوسط بينهما وهما متماهيان لهذه الدرجة ولا حدود واضحة تفصل بينهما.
ولما كان جميع اطراف هذه الصراع متشربون لثقافة العنف.. ومع تجاوزهم للخطوط الحمراء فيما بينهم.. فإن افتراض وقوع المواجهات الدموية فيما بينهم في المدي المنظور أقرب لان يكون صحيحا.
هذا الصراع الداخلي اخذ في الآونة الاخيرة يهز في دعائم واركان النظام الاساسية من الداخل .. وجاءت “ثورة أرحل” لتهز أركان النظام من الخارج وتشارك في ذلك أبناءه الذين يهزون فيه من الداخل مع غياب القيادة الحكيمة بينهم بعد رحيل حكيمهم حسن الترابي عن دنيانا.. والذي تمكن بحكمته من حقن دمائهم ومنع شلالات الدم بينهم ابان ايام المفاصلة.. وهو الذي سيقود في مجمله الي ان يهدوا المعبد علي رؤوسهم.. ان جاز التعبير.. عما قريب.
7. لا خلاف ان عدد الجماهير المشاركة في “ثورة ارحل” هو قليل مقارنة مع عدد الشعب السوداني.. ولكنه اكثر من كثير اذا قارناه مع الاجراءات التي يقوم بها النظام للحد من التظاهر من شاكلة احتلال الاماكن المحددة لتجمع المتظاهرين والمنافذ المؤدية اليها باعداد ضخمة جدا من اجهزته الامنية.. واستخدام العنف المفرط ضد المتظاهرين حد اطلاق الرصاص الحي.. بجانب التعطيل المتعمد لمواقع التواصل الاجتماعي التي يعتمد عليها المتظاهرون في التنسيق وتبادل الاخبار والتوثيق والاتصال ببعضهم والتواصل فيما بينهم .. وغيره من الاجراءات الاحترازية والاستباقية والوقائية والقمعية لمنع وقوع الاحتجاجات.
رغم ذلك كله يستطيع المحتجين في كل مرة ان يجدوا طريقآ لتنظيم صفوفهم.. واقامة مسيرتهم السلمية.. وتعجز السلطات عن تفريقها الا بعد ساعات.. وبعد معاناة ورهق كبيرين.. والاروع هو ان المتظاهرين يصرون علي سلميتها رغم حجم العنف الممارس ضدهم.. ودونما ان يقابلوه بعنف مضاد او تخريب بشكل عام.
هذا هو الذي يدعو للقول ان الاعداد التي تشارك في هذه الاحتجاجات اكبر من كبيرة اذا ما استصحبت في ذلك تلك الظروف التي تمت وتتم فيها.
اما اذا كان النظام يريد فعلا ان يعرف عدد المحتجين والمتظاهرين والمناوئين له بعددهم الحقيقي.. فهذا امر بسيط.. اذ كل ما عليه فعله هو ان يسمح للمواطنين بحقهم في التجمع وحرية التعبير الذي كفله لهم الدستور الذي صاغه وكتبه بيده.. وان لا يسالهم او يمسهم ان لم يمارسوا عنف او قاموا بتخريب والتزموا بسلمية التظاهر.. وان يترك شبكة الاتصالات وشانها.. ومن ثم يمكنه ان ينظر الي اكثرية الشعب السوداني تتظاهر ضده (سلميا).
8. لعبت “ثورة ارحل” و لاول مرة في تاريخ حكم الانقاذ الدور في ان تسمع الحكومة للشعب.. والذي منذ مقدمها قبل 30 سنة تريده فقط ان يسمع منها.. حيث اخذت تبحث جديآ عن حلول.. فذاك رغيف الخبز اخذ يتوفر في الخرطوم علي حساب الولايات بالطبع.. وستتم معالجة مشكلة السيولة بطباعة فئات كبيرة.. حيث سيتم تداول فئة ال 100 جنية منتصف يناير الحالي .. وستتم زيادة الاجور علي المستويين الاتحادي والولائي عاجلآ الان وليس آجلآ مع مرتبات شهر يناير.. وان كان كل ذلك سيقود في النهاية الي مزيد من التضخم وغلاء اسعار السلع نتيجة له وسيؤدي الي مزيد من الانخفاض لقيمة الجنيه مقابل الدولار والعملات الحرة الاخري.. ولربما اصبح الدولار الواحد يساوي 120 او 150 جنيها بعد فترة قصيرة من تطبيق هذه السياسات والاجراءات الجديدة خاصة مع سياسة تعويم الجنيه التي بدأتها الحكومة عمليآ منذ رفع قيمة الدولار الجمركي الي 18 جنيه وابتكار ما يعرف بآلية السوق لاحقآ ذلك الجسم الهلامي الذي يمثل المرحلة الانتقالية لتحرير سعر الصرف بخروج مسئوليته عن بنك السودان.. لتحدده قوانين السوق في العرض والطلب.. ومع اصرار الحكومة علي تقديم الحلول الاقتصادية للازمة الاقتصادية رغم ان الجميع يعرف ان حلولها سياسية في المقام الاول.. ولكن هذا كله جيد حيث يصب في صالح “ثورة ارحل” وكسبها مزيد من الانصار.. و ستسبب هذه السياسات الجديدة.. سياسات الهروب الي الامام.. المزيد من الاحراج السياسي للنظام امام الشعب مع المزيد الذي سيحدث من التدهور الاقتصادي المريع الذي ستشهده البلاد ومعاش المواطنين وازدياد معاناتهم فوق المعاناة التي يعيشونها .. وستترسخ اكثر فأكثر قناعة: ارحل.
9. اقتلاع نظام راسخ الجذور متشبث بالسلطة ومتعطش للدماء ولا يتقيد بقواعد اللعبة السياسية مثل نظام الانقاذ ليس بالامر السهل.. لكنه ممكن.. وذلك في حال ان استمرت الاحتجاجات دون توقف.. لا يهم كبيرة كانت ام صغيرة.. قام بها سكان قرية او حي او قامت بها جماهير مدينة او جماهير العاصمة.. المهم فقط ان لا تتوقف وان تظل مستمرة.. فالمطر ينحت الصخر ليس بالقوة لكن بالتكرار.. وان تحافظ علي سلميتها ولا تحيد عنها.. ومهما ما يمكن ان يقوم به النظام لجر المتظاهرين ليلجأوا للعنف.. لا ينبغي الانجرار وراءه في ذلك.. وليقتل من يقتل وليعتقل من يعتقل وليؤذي من يؤذي.. وتظل التظاهرات سلمية سلمية مهما بدر من النظام من عنف.
10. نجحت “ثورة ارحل” في تقوية الانتماء الوطني اوساط المواطنين.. ويظهر ذلك في الاستهجان الشعبي الواسع النطاق لتلك المسرحية الهزيلة والسخيفة ذات البعد العنصري التي قدمها النظام وحاول تسويقها للشعب من ان خلايا لعبد الواحد وما ادراك ما عبد الواحد.. وذلك بعدما افشلت سلمية التظاهر وابطلت مفعول ادوات عنف النظام.. فحاول ان يلعب علي حبال العنصرية عساها تساعده في احتواء المظاهرات.. لكنها اتت بمردود عكسي له وزادت من سخط الشعب وحنقه علي النظام ورفعت من درجة سخطه عليه.. والقمت الجماهير هذه المسرحية البائسة حجرا في جوف النظام حتي جحظت عيناه عندما هتفوا: (يا عنصري ومغرور.. كل البلد دارفور).. وسقطت في ثواني تلك الصورة العنصرية القميئة التي قام النظام برسمها خلال سنين طويلة في ذهنية كثير من السودانيين تجاه اخوتهم في دارفور.. وذلك للدرجة التي جعلت شيوخ عنصرية النظام يفكرون في الي اين سيحملون (بقجهم) ان نجحت “ثورة ارحل”!! نقول لهم من الان بقجكم هذه ستحملونها علي رؤوسكم الي: سقر.
11. استطاعت “ثورة ارحل” ان تجعل الشعب يتحرر من كل خوف.. ولم يعد شي يرهبه.. لا موت وقتل او اعتقال او خروج الي الشارع. مكنت “ثورة ارحل” الشعب من التحرر من الرعب الذي ادخله وزرعه نظام الانقاذ في دواخله جراء بطشه ودمويته وقهره واذلاله الممنهج للشعب وامتهان كرامته.. وخير مثال لذلك انه ما كان من السهل كتابة مقال مثل هذا.. علي الاقل باستخدام ذات اللغة.. وعبر وسائط التواصل الاجتماعي من قبل اناس يعيشون داخل الوطن ومع النظام في مكان واحد .. قبل “ثورة ارحل”.. لكن من يهتم لنفسه او يحذر من نظام اصبح يحتاج لان يهتم هو بنفسه.. ولن يقدر.
هذا من روائع الادب الذي تشربناه والدرس الذي تعلمناه من شباب “ثورة ارحل” وتضحياتهم التي قدموها تحت ازيز الرصاص دون ان يكترثوا لشيء او ان يطرف لهم جفن وهم في ريعان وعنفوان شبابهم.. بل وقدموا ارواحهم رخيصة فداء للوطن والحرية والمساواة والعدالة والكرامة الانسانية.
12. ان الخسارة الوحيدة في “ثورة ارحل” تمثلت في فقدان عدد من الارواح الطاهرة لشباب الوطن.. تلك الارواح التي ازهقها النظام بكل دم بارد دون مبرر.. ولما كان لن يستطيع ان يعيدها مرة اخري يوما للحياة.. ولا يستطيع في ذات الوقت تقديم قاتليهم للعدالة ( للقصاص) منهم.. نقول للنظام ان هذا وحده سبب كافي لان نقول لك كلمة واحدة: ” أرحل “.
محمد احمد شقيله يكتب