حاطب ليل .. القون المنتظر ..عبداللطيف البوني
(1 )
من الطرائف التي اشتهرت عن القطب المريخي الكبير، عبد الرحمن شاخور، أنه عندما كان يترأس النادي جاءه من يطلب ميزانية لمنشط السباحة في النادي فسأل الطالب (ناسك ديل بجيبوا قون في مرمى الهلال؟)
فأجاب بالطبع لا فهذه سباحة وتلك كرة قدم فحسم شاخور الأمر قائلاً (لوشربوا البحر ما عندي بيهم شغلة). أما مناسبة هذه الرمية هو الخبر بأن رئاسة الجمهورية قد كونت خمسة مجالس رئاسية وهي مجلس شؤون الرئاسة والمجلس الاقتصادي والمجلس الإعلامي ومجلس السياسة الخارجية ومجلس السلام والوحدة. وتم تبرير ذلك بأنه إحدى توصيات الحوار الوطني، فنحن بدورنا نتساءل هل هذه المجالس سوف توقف التدهور في قيمة الجنيه السوداني في الساعة والحين ؟ وبما انه لا احد يمكنه ان يجيبنا بالايجاب يمكننا القول بانها لو ادخلت كل الشعب في الحوار الوطني لن تنال اهتمام الشعب . الذين جادلوا بأن هذه المجالس تعني ان المؤسسات القائمة من مجلس وزراء وبرلمانات وامانات حزب حاكم قد فشلت في ادارة البلاد، برضو نقول ان الشعب لن يلتفت اليها لان هذه المؤسسات القائمة من جهاز تشريعي وتنفيذي وحزبي لم تثبت للشعب نجاعتها ويكفي ما اصاب الجنيه السوداني من هزال فبالتالي ليس لها وجيع، وبما ان المجالس الجديدة مكونة من ذات الموجودين في المؤسسات القائمة فلن تجد الترحيب لانها لا تعدو إلا أن تكون إعادة تدوير.
(2 )
مشكلة هذه البلاد ليست مشكلة مؤسسات ففيها من المؤسسات ما يسد عين الشمس وما يكسر ضهر الميزانية، مشكلة البلاد ليست في النصوص المكتوبة فلدينا دستور ماشاء الله عليه ولا الدستور الامريكي من حيث التفصيل في الحريات والحقوق، ولدينا قوانين ولوائح يغني عليها سرور. مشكلتنا في عدم تنفيذ هذه النصوص المجازة، فالبلاد ليست محتاجة لمؤسسات جديدة ولا قوانين جديدة البلاد محتاجة لاناس مختلفين محتاجة لكوادر بشرية قيادية مخلصة طاهرة اليد إن شاء ما عندها خبرة في اي شي، فالخبرة يمكن اكتسابها ولكن اذا انعدمت الامانة والاخلاص فسوف يضيع كل شيء. رحم الله عمنا صديق ود اللصم الذي كان يردد ومنذ سبعينات القرن الماضي (البلد دي الا يجي عيسى ويمسحها فد مرة ويقوموا فيها ناس جديدين ) ولعل مما يؤسف له ان الناس الكويسين موجودين وعلى قفا من يشيل في كل جهة وفي كل حزب وفي كل جيل بل هم الاغلبية العظمى ولكن البضاعة الرديئة سدت السكة عليهم واحالتهم الى فراجة.
(3 )
مؤتمر القمة الأفريقي الثلاثين المنعقد هذين اليومين في اديس ابابا موضوعه الاساسي الفساد في افريقيا وكيفية محاربته. فمعظم البلاد الافريقية تئن تحت وطأة الفساد كل العالم اليوم يتكلم عن فساد افريقيا (تغريدات ترامب) وان الفساد هو العقبة الكؤود امام اي تنمية اواستقرار سياسي وامن اجتماعي في افريقيا وقد اعترفت افريقيا بهذا، بدليل انها خصصت له هذا المؤتمر الذي يحضره أربعون رئيساً ونحن في السودان من الدول الموبوءة بهذا الداء والغارقة فيه الى اذنيها، فلماذا لا نعترف بهذا الامر وبالتالي نسعى لمحاربته ؟ ان فسادنا فساد فردي وفساد مؤسسي وفساد اداري . تكلمت وزارة الصناعة عن تهريب ذهب عبر مطار الخرطوم الدولي تبلغ قيمته عدة مليارات. بنك السودان المركزي يصدر عقوبات ضد شركات ومؤسسات تلاعبت بحصيلة الصادر ويعاقب قادة بنوك ويمنع بنوكاً من التصدير والاستيراد ومع ذلك لم نسمع بعقوبة على فرد !!! ياجماعة الخير هذه الدولة تتكلم بنفسها عن مليارات من الدولارات راحت فساداً وهبطت بالجنيه السوداني الى اسفل سافلين لذلك يكون من الطبيعي ان يكون الشعب منتظراً لقرار يصب في اتجاه هذا الامر واي قرار اخر(ماعنده بيهو شغلة) كما قال شاخور عليه رحمة الله .