حاطب ليل بروف البوني هُو دَا وَقْتُه؟!
(1)
ويتواصل حديثنا عن القُطن (نجم المُوسم).. فالمَعروف أنّ زراعته بدأت منذ يونيو – يوليو، ومع مُوسم الأمطار النّاجح كَانَ نموه طيباً وكل التقارير الرّسمية والمُشاهدات العادية تقول إنّه يُبشِّر بإنتاجٍ وفيرٍ وأصبح الكلام كثيراً عن الدولارات التي يُمكن أن تعود من تصديره.. كان ينبغي على الحكومة أولاً ثم القطاع الخاص المُنتج للقطن أن يعملا بتنسيقٍ على إعادة تَأهيل مصانع الغزل والنسيج القديمة إن كانت قابلةً للتأهيل أو يُفكِّران في إقامة مصانع جديدة ليس لتحقيق القيمة المُضافة من الصناعة التحويلية فحسب، بل خَوْفاً من هُبُوط الأسعار العالمية، ولكن للأسف لم يفعلا بل لم يُفكِّرا في ذلك وكَانَ كل الكلام عن التصدير.. ولكن ربك رب الخير أسعار القطن العالميّة ارتفعت بصُوُرةٍ لم تكن مُتوقِّعة، بالتالي ارتفعت أسعاره المحليّة وارتفعت توقعات العائد الدولاري منه وأقبل المُزارعون على عمليات الجني (اللقيط) بروح مُرتفعةٍ.
(2)
لكن وآه من لكن هذه, (الشيطان اللابد في البلد دي) على قول الخليفة عبد الله كَان لا بُدّ من أن يَظهر للقطن في شكل مَشروع قَرار أحمق غير مدروسٍ ومُحبطٍ ومثبطٍ ومُؤذٍ للمُنتج والبلاد، والإشارة لما صدر عن نِيّة الحكومة إصدار قرار بإيقاف تصدير القطن خلال هذا الشهر ثم تأهيل مصانع الغزل والنسيج ليصدر في شكل خيوط وملابس!!
فالسُّؤال الذي يفرض نفسه، أين هي مصانع الغزل والنسيج التي يُمكن أن تستوعب هذا الإنتاج الوفير؟ كم من المال والزّمن الذي تحتاجه لكي تتأهّل؟ لا بَل قبل ذلك مَا هي الأعطاب التي أصَابَتها؟ والأهم متى كانت آخر مرّة اشتغلت فيها تلك المصانع؟ وهل لديها القُدرة على تَصنيع القطن المُحوّر المُنتج هذا العام؟ وهل هي مُواكبة لما عليه حال صناعة القطن في العالم؟ وهل؟ وهل؟ والأسئلة التشكيكية تترى، ومن المُؤكّد أنّه تشكيكٌ مشروعٌ، لأننا نعلم أن تصنيع القطن في البلاد قد توقف منذ زمنٍ طويلٍ، وأن مصانع الغزل والنسيج تحوّل مُعظمها إلى أنشطة أخرى (خليل عثمان نموذجاً) وبقية المصانع الصغيرة ينعق فيها البوم!
بالله عليكم مُش كفاية مصنع سكر النيل الأبيض القائم على آخر تقنية عالمية والآن (راقد وجعة)..!
(3)
لا يُوجد عاقلٌ في الدنيا يرفض الصّناعة التحويلية للقطن، فرطل القطن في حالة تَصنيعه يعود للبلاد في شكل دولارات بدلاً من سنتات كما هو الحال في تصدير الخام.. ولكن أين بنيات هذه الصناعة التحويلية في السودان؟ في محلج ربك؟
يقول عُلماء الأصول ما لا يدرك كله لا يترك جُله.. فمن فضلكم لا تصدروا قرار إيقاف تصدير خام القطن إلى حين أن تدور ماكينات مصانع الغزل والنسيج القديمة أو الجديدة وبعد ذلك أحموا هذه الصناعة المحلية، وليكن في علمكم أنّ تلك المصانع التي هي الآن في علم الغيب سوف تشتري الخَام بالأسعار العالميّة كما يقول المنطق الاقتصادي.
والأهم من كل الذي تقدّم هو أنّ السودان قد خرج من سُوق القطن العالمية قبل أكثر من عشر سنوات ولم يعد حتى الآن، وكل الذي حَدَثَ هو أنّه اقترب من هذه السُّوق هذا العام وأصبح على وشك إدخال رجله اليمنى.. فمن فضلكم لا تقرعوه فدعوه يدخل ليُمهِّد الطريق لدخول الملابس السُّودانية من الجنيز إلى التوتال مروراً بالتترون والدبلان والدمورية وكمان ساكوبيس، وإلى حين ذلك دَعُوا مُنتجي القطن هذا العام يكملوا أفراحهم، ودَعُوا خزينة البلاد تبتل بشوية دولارات القطن، ولا تدفِّقوا المُوية على الرهاب، وعُصفورة في اليد خير من ألف طائرة.. وتاني هاكم مصنع سكر النيل الأبيض دا..!