حتى لا تغلقوا .. شارع القصر ! تحليل سياسي : محمد لطيف

بدأت السلطات باغلاق اذنيها .. من سماع انين الجوعى والمرضى والمحرومين .. وممارسة التطنيش .. ثم وجدت ان الاغلاق لم يحل المشكلة .. فقررت إغلاق المدارس .. ثم وجدت ان الاغلاق لم يحل المشكلة .. فقررت إغلاق وسائل التواصل الاجتماعي .. ثم وجدت ان الاغلاق لم يحل المشكلة .. فقررت إغلاق بوابات تدفق المعلومات وفلترتها .. ثم وجدت ان الاغلاق لم يحل المشكلة .. فقررت إغلاق الجامعات والمعاهد العليا .. ثم وجدت ان الاغلاق لم يحل المشكلة .. والذى يدير الأزمة بهذا المنطق .. منطق الحجب والإغلاق .. ربما فى مخيلته انه ما تزال هناك المزيد من البوابات لإغلاقها .. فى ظنه المتوهم للحل .. وربما يجد المزيد من المنافذ لإغلاقها بحثا عن الحل .. الذي سيسمى حينها المخرج .. اى ان سياسة الاغلاق السائدة الان ستقود ممارسيها فى نهاية الامر الى البحث عن مخرج من ذاك الطوق الذى طوقوا به  انفسهم بايديهم ..!
ولو ان هذه العقلية .. وعوضا عن منطق الاغلاق هذا .. قد فكرت فى الخيار المقابل .. الانفتاح .. لربما وصلت الى الحلول بتكلفة اقل .. على الاقل ..اقل مما هو متوقع الان .. باختصار نظرية الاغلاق تدفع الحكومة .. بارادتها .. نحو التراجع .. وهذا هو الامر المربك والغريب .. ثم هى فى المقابل ترفع كلفة مواجهيها .. فتضييق الخناق على الخصم .. يجعله اكثر شراسة وأكثر وحشية ..  ولان السلطة فى يدها القوة وفى يدها السلاح .. فهى لن تجد خيارا غير استخدامه .. والنتيجة الأسوأ دائما حين يتم استخدام السلاح دفاعا عن النفس .. فتلك مرحلة يغيب فيها الانضباط والتحكم وتحل العشوائية والاضطراب .. وهنا يبرز السؤال .. الى متى سيظل المتظاهرون ملتزمين بالشعار المرفوع الان .. سلمية سلمية .. وكم سينتظر هؤلاء وهم يدفعون الثمن ارواحا حية قبل ان تتطوع جهة ما بتوفير المقابل الموضوعى الذى سيوفر .. فى زعمها .. التوازن بين الطرفين .. بينما هذه الخطوة فى حقيقة الامر .. توفر افضل الفرص لرفع كلفة التغيير .. وربما تحويله الى صراع مفتوح .. وهذا ليس تهديدا بل هو قراءة استباقية لما يمكن ان تنتهى اليها سياسة الاغلاق ..!
ولو كان الامر بيدى لاغلقت سياسة الاغلاق والانغلاق فورا .. ولفتحت الباب واسعا لمنهج جديد .. هو كما أسلفنا منهج الانفتاح .. الانفتاح على الناس .. الانفتاح على الحقائق .. الانفتاح على جوهر الأزمة .. الانفتاح على الحلول التى تخاطب حاجات الناس .. وتلبى رغباتهم .. وتحقق طموحاتهم .. ولا يظنن كائن ان الحكومة لا تعلم ما ينبغي عليها ان تفعله .. هى تعلم بالضرورة .. ولكنها تفتقد الى الإرادة .. الارادة التى يمكن ان تدفعها لاتخاذ قرار بمراجعة ما عرفت بالتسويات .. على سبيل المثال .. الارادة التى يمكن ان تدفعها لاتخاذ قرار بسحب مشروع الموازنة من منضدة البرلمان .. لتحل محلها موازنة تخاطب الأزمة فقط .. على سبيل المثال .. وأخيرا ..  الارادة التى تقنعها بإعادة فتح منبر الحوار الداخلي كما فتحت منبر الدوحة .. لتستوعب كل الطيف السياسي الوطنى ..!
وهذا او الطوفان .. والطوفان سيبلغ مداه يوم تضطر الحكومة لاغلاق شارع القصر .. فمن ظن ان سياسة الاغلاق يمكن ان تقود لغير ذلك فهو مخطىء .. ولا شك ..!!
اليوم التالى – الأحد ٢٣ ديسمبر  

اقرأ أيضًا
تعليقات
Loading...