دكتور ابراهيم الصديق علي يكتب في رؤى وأفكار

د ابراهيم الصديق علي

أمن البحر الأحمر
«1»
يمثل البحر الأحمر اليوم 13% من التجارة العالمية بحجم يصل إلى 2.4 تريليون دولار سنوياً ويتوقع أن تتضاعف التجارة العابرة فيه حتى العام 2050م إلى 5 مرات، وربما تتضاعف أعداد السكان في الدول التسع المطلة عليه «السودان، والسعودية ومصر والأردن واريتريا واليمن والصومال وجيبوتي بالاضافة للأراضي المحتلة فلسطين» ويتوقع ان يصل عدد السكان الى اكثر من مليار فى عالم 2050م، ويمثل البحر الأحمر موردا للتجارة الأساسية وأكثر الدول حركة وحيوية المملكة العربية السعودية بصادرات تصل إلى 174 مليار دولار وواردات في حدود 136 مليار دولار، وتليها دولة الاحتلال الاسرائيلي ثم مصر، وعليه فان الاهتمام بأمنه امر عالمي ويهم كل دول المنطقة ، وفي كل حال فإن البحر الأحمر ظل محور اهتمام وتقاطعات دولية واقليمية، وأمر الأمن يمثل تحدياً أمنياً جماعياً.
«2»

لقد تطور مفهوم الأمن الجماعي، منذ الحرب العالمية الثانية، وخاصة في المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية وأصبحت الأهداف الكبرى تحقيق الأمن والسلم وتحجيم الأزمات وتقليل حدة التوتر وبناء التحالفات والأجهزة والمؤسسات التي تحقق وتضمن الاستقرار، ولقد ساعد في أمن البحر الأحمر سعة المشاركة والاهتمام العالمي، لأن هذا البحر يمثل نافذة رئيسة للتجارة العالمية ولديه ارتباط بمناطق النفط والغاز، بينما ترتبط دول المنطقة بآصرة التواصل الاجتماعي والتقارب الثقافي، ورغماً عن الانفلات الأمني في بعض دول المنطقة «الصومال واليمن» فإن البحر الأحمر ظل الممر الأكثر أماناً واستقراراً ، لقد اقتضت تحالفات دقيقة بان يظل أمن البحر الأحمر محل اهتمام عالمي واقليمي وتتوزع فيه أساطيل عسكرية وقواعد مختلفة ، فهو تحت النظر والرقابة .
«3»
في الأخبار، أن الرئيس الاريتري اسياس افورقي زار القاهرة يوم الثلاثاء الماضي، والتقى بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لمناقشة أمن منطقة البحر الأحمر، وقد يبدو مثيراً للحيرة أن تنفرد دولتان من بقية دول المنطقة بمباحثات في أمر يهم كل دول المنطقة ، خاصة اذ لم يكن في الأفق تحديات طارئة تستدعي هذا الاهتمام المفاجيء ، والجلسة الحوارية لدولتين لا تجمعهما حدود مشتركة او تقارب استراتيجي او رؤية قد تشكل عمقا استراتيجيا .
إن قضايا تهريب البشر والتجارة العابرة للقارات والارهاب تعتبر تحديات لكل دول المنطقة، فما هي أجندة اللقاء الثنائي هذا بعيداً عن كل الدول الأخرى؟
إن لقاء «افورقي/ السيسي» يثير الأسئلة أكثر مما يوفر إجابات، وخاصة في ظل حالة من التقارير التي تشير إلى موقف جديد للدولتين في المنطقة وبعيداً عن موضوع أمن البحر الأحمر، ومع قرائن واشارات اخرى في أجواء ملبدة بالغيوم والافتراضات والتلويح بحلول اخرى غير التفاوض ، ولو أن اللقاء والاجتماع تناول أي موضوع أو أجندة أخرى لما تم طرحه على طاولة البحث والتشريح!
ويبدو أن هذه الزيارة الخامسة للرئيس الاريتري إلى القاهرة، تعتبر أبعد مدى من أجندة عامة إلى تنسيق بابعاد أخرى ومن حق دول المنطقة أن تتدارس وترفع «حواجب» الدهشة عن هذا اللقاء الثنائي، وفي هذا التوقيت بالذات!
////////////

اقرأ أيضًا
تعليقات
Loading...