رؤى وأفكار د. إبراهيم الصديق علي الصحافة: عامنا الثالث
(1)
أمس كنت أراجع تقرير موقع (الصحافة) الالكتروني، وقد تضاعف عدد الزوار في العام 2017م إلى عشرة ملايين و539 ألفاً و53 زائراً، وتصفحه 22 مليونا و91 ألفا و502 متصفح ، وموضوع في الموقع الالكتروني (Alsahafasd.com)، بمتوسط معدل (28) ألف زيارة يومياً، ويتوزع هذا الاطلاع على كل أنحاء العالم، ومن 202 دولة وموقع بدرجات متفاوتة، وإنما أكثر الدول اطلاعاً وبالترتيب (السودان، المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا والامارات العربية والمانيا ومصر) وتستحوذ هذه الدول على 77% من نسبة القراء. إن مثل هذه التقارير، فوق انها تتيح وجهة نظر ورؤية للانتشار وسعة الرسالة، فإنها تقدم تفاصيل أكثر من حيث المحتوى الأقرب، واتجاهات القرار ومواقيت الاطلاع وأكثر الموضوعات حيازة على الاهتمام، ويشير ذلك إلى أن الصحافة الورقية، وإن تقلص المطبوع منها وتأثر فإنها تظل ذات اسهام كبير في صياغة المحتوى والرسالة، وصحيح ان كثيراً من الأخبار والتقارير تستبق الورق، والأصح أن الاجندة واتجاهات الرأي العام تحدد من خلال الرأي والتوجهات والتقارير والتحقيقات، وربما 80% مما تحتويه وسائل الإعلام الجديد هو – بعض – من نتاج (الصحافة الورقية) ومردودها، ولذلك تظل تحتفظ بالكثير من الأهمية والتأثير.
إن جملة الصحف الصادرة أمس وحتى منتصف اليوم في كل العالم لم تتجاوز 239 مليونا، ولكن رسائل الايميل المتبادلة في ذات الفترة بلغت 117 مليارا و843 مليون رسالة وتتصاعد بدرجات مهولة في كل ثانية، وما تم تداوله في تويتر في ذات الفترة يصل إلى 337 مليون تويت، بينما البحث في قوقل تجاوز 2 مليار و774 مليونا، تلك صورة مصغرة لخيارات الإعلام الجديد وتحدياته ومنطلقاته وضرورة التعامل معه، لأن المتعاملين بالانترنت وحتى منتصف نهار أمس تجاوزوا (3.8 مليار) نسمة من جملة سكان العالم 7 مليارات نسمة و851 مليون نسمة ، بنسبة تتجاوز (50%) من البشرية.
(2)
واليوم ، نبدأ بعون الله، عام الاصدار الجديد الثالث في (الصحافة)، وفي الذهن هذه التحديات، مما يقتضي رؤية أكثر مرونة، تحقق التوازن بين المطبوع من الورق، وبين النشر الالكتروني بميزات جديدة. إن الصحافة الورقية تظل بذات الأهمية في بناء الأجندة الوطنية وخيارات النخبة، ومازالت تتمتع بقدر واسع من المصداقية والمرجعية في الأخبار والتقارير ووجهات النظر وثراء الحياة السياسية والاقتصادية والتنوع الثقافي والاجتماعي والرياضي، ويمكن أن توازن بين المطبوع الورقي، والمواقع الالكترونية وفق رؤية تحفظ خاصية (النشر الالكتروني) في سرعة ايقاعه وإبهاره وسعة انتشاره، وبين الاستقصاء المتأني والتقارير البصيرة والمراجعات المفيدة، وحتماً فإن الخيار القادم هو تراجع الورق وزيادة النشر الالكتروني وهذا انتقال يتطلب ذات مهنية الصحافة السودانية وكفاءتها..
إن معدل استخدام الانترنت في أفريقيا وحتى 30 يونيو 2017م، يصل إلى نسبة 31.2% وفي اسيا 46.7% وفي أوربا 80.2% والشرق الأوسط 58.7%، وأعلى الدول الأفريقية كينيا بمعدل يصل إلى 89.4% وهناك فارق شاسع بينها وبين أي دولة أخرى، بينما بلغ عدد المستخدمين في السودان للانترنت 11 مليونا و806 ألف مستخدم ونسبة عامة 28%، على أساس أن سكان السودان 42 مليون نسمة.
إن هذه المتغيرات التي أفرزتها التقنية الجديدة من حيث حجم الجمهور وتنوع الرسالة وآليات التوزيع والانتشار ، تحتم على العاملين في الوسط الإعلامي التهيؤ للانتقال الجديد والتعامل بذات الحرفية والمهنية. إن الأجيال الجديدة من حقها أن تتمتع بمحتوى عميق الرسالة وقريب من وجدانها ومعبر عن أشواقها وذي صلة بحاضرها وارتباط بتراثها ويستشرف المستقبل وذلك لعمري تحد كبير..
والله المستعان