رؤى وأفكار د. ابراهيم الصديق علي أفريقيا: تحيزات الإعلام العربي
(1)
شهدت دولتا جنوب أفريقيا وأثيوبيا، أحداثا كبرى، انتهت باستقالة الرئيس جاكوب زوما، بعد حالة شد وجذب مع أعضاء حزبه، بينما أعلن رئيس الوزراء الاثيوبي ديسالين استقالته مساء الخميس، وفوق تأثيرهما السياسي في منطقة شرق أفريقيا وجنوبها، فإن اثيوبيا تعتبر الدولة الثانية في القارة من حيث السكان وجنوب افريقيا الخامسة في ترتيبها، وأي اضطرابات في هاتين الدولتين تمثل انعطافاً خطيراً في القارة.
ولذلك تسابقت وكالات الأنباء وبعض القنوات الكبرى في متابعة الأحداث، حيث بثت قناة (CNN) على الهواء مباشرة تفاصيل خطاب جاكوب زوما، ولم تقطع بثها مع أن الحدث تصادف مع حادث أليم آخر في الداخل الأمريكي، حين قام طالب باطلاق النار على زملائه في مدرسة بفلوريدا وقتل منهم 17 تلميذاً وجرح آخرين، وأوردت قنوات أخرى الخبر بتفاصيل صغيرة، وحسب اهتماماتها، ولكن المؤسف أن القنوات العربية وتحديداً (الجزيرة والعربية) كانت غائبة – تماماً – عن المشهد سوى خبر ورد في نشرة تصدرها لليوم الثاني في الجزيرة اعتقال أبو الفتوح في مصر، بينما تصدرت أخبار (العربية) عمليات الجيش المصري في سيناء.
إن هذا الحدث وأمثاله يكشف ويثير أسئلة عن أجندة الأخبار والتحيزات ومفهوم الحياد ومقتضياته، وأهمية الحدث وقربه وتأثيره.
(2)
لقد حل مفهوم المهنية بديلاً عن الحياد، حيث أن الصحفي يتأثر بمحيطه وميوله، ومع ذلك فإن هذه المهنية قد تتحول إلى نمط أو أسلوب عمل يسير في اتجاه معتاد من حيث الأولوية أو الاهتمام دون اجتهاد.
إن ما يجري في هاتين الدولتين، في حجمه وتأثيراته يؤثر على منطقة القرن الافريقي، ويؤثر في السودان ومصر واليمن والمنطقة بكلياتها، وبحسابات الحجم والتأثير فإنها تعتبر أولوية..
والحقيقة إن الأمر – أيضاً – ينطبق على السودان، حيث شح الأخبار والمصادر، مع أن اثيوبيا وثيقة الصلة ببلادنا، وهي مناسبة نجزي فيها التحية للأخ محمد حامد جمعة مدير تحرير (الصحافة) فهو أحد القلائل الذين يملكون المعلومات ولديهم القدرة على تحليلها..
إننا بحاجة إلى مراكز بحوث، ودراسات واقتراب ذلك من العمق الافريقي بزخمه وتحدياته..