“رؤى وافكار” د.ابراهيم الصديق على جنوب السودان: مشهد جيد
“1”
استطاعت الخرطوم امس ، ان تحقق اختراقا كبيرا في قضية الحرب بجنوب السودان ، حيث وقع الفرقاء على اتفاق سلام ، يتضمن ترتيبات أمنية ووقف شامل لاطلاق النار وتأسيس قوة عسكرية قومية تتجاوز القبيلة ، وفترة انتقالية في شكل الحكم تحقق المشاركة السياسية من خلال انتخابات شفافة ، وتلاقت أكف أطراف الصراع التي كان تتخندق حول الزناد قبل 72 ساعة فقط ، واليوم توقع على اتفاق سلام يحفظ الارواح والموارد والطاقات ، انه اختراق مهم ، ليس للجنوب فحسب ، وحق له ان يفرح بذلك ، او للسودان فحسب وحق له ان يفخر بذلك ، وانما للاقليم بكلياته من خلال تجفيف حالة عدم الاستقرار والصراع والنزوح ، لقد شكلت الحرب في جنوب السودان مهددا أمنيا للسلم والأمن الدوليين من خلال شدة القتال وعجز المنظمات الانسانية ، وزيادة حدة الاستقطاب ، مما ادي لتصاعد اللجوء والنزوح ، والهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر. ان توقيع اتفاق سلام فرقاء الجنوب يعتبر خطوة شديدة الاهمية للمنطقة وللعالم.
لقد اثبت السودان ان الحوار والتفاوض ومعرفة التفاصيل تمثل المدخل الاكثر اهمية في حلحلة القضايا ، وليس رفع عصا العقوبات والتهديد ، ويجيء توقيع الاتفاق باعتباره مرحلة مهمة واختراقا يشير لامكانية التوصل الى حلول.
“2”
ويتبادر للذهن سؤال مهم ، لماذا تم الإتفاق في السودان ، واولها : لابد من التأكيد ان الجهد السوداني يمثل امتدادا لادوار الايقاد وجولة الخرطوم ضمن اخريات ، ولكن الجولة في الخرطوم اتسمت بمخاطبة القضايا الرئيسية والتفاصيل ولم تكن نقاطا عمومية ، وثانيا : فان ؟؟؟؟؟؟الاطراف في السودان كان شاملا ، فقد جاء د.رياك مشار من محبسه في جنوب افريقيا ، ولاول مرة يكون بشخصه طرفا في الحوار ، حيث كانت كل الحوارات الاخري دون مشاركته ، وكذلك تم استصحاب تحالف قوى المعارضة ، بقيادة د.لام اكول ، ودينق الور والبقية ، وثالثا: ان المفاوضات خاطبت جذور المشكلة ، ليس تقاسم السلطة ، وانما قبل ذلك بناء الثقة بين اطراف الجنوب ، والقضية الاقتصادية حيث النفط اساس وقاعدة اقتصاد جنوب السودان ، وتناولت الضمانات والترتيبات الأمنية ووسائل الانتقال السياسي ، ورابعا : فان السودان يعرف تفاصيل المشكل الجنوبي ، وكان ملحوظا تلك الكلمات الدافئة من الرئيس سلفاكير ميارديت ومن زعيم المعارضة د.رياك مشار بحق السودان ورئيس الجمهورية عمر البشير ودوره في انجاح الاتفاق.
ويجدر القول ، ان هذا الاتفاق هو الاول من نوعه ، الذي تخرج الاطراف كلها راضية عنه ، فقد كانت كل الاتفاقات السابقة بين اطراف الجنوب محل ملاحظات ، وذلك لان هذا الاتفاق جاء بقناعة تامة ووفاق تام ، وهذا ضمان اخر لنجاح الاتفاق ، وكما قال الرئيس سلفاكير “انني ملتزم بهذا الاتفاق تماما” ، وقال د.مشار “ان شعب السودان سيكون الاسعد اليوم” ، ومن يوم امس بدأت مرحلة جديدة في جنوب السودان وسيعود ذلك بالنفع على اهل جنوب السودان والسودان والمنطقة ،وهذا حدث يسعد ثلث ابناء الجنوب الذين هجرتهم الحرب وثلثي الشعب وقد أضنتهم الحرب . والحمد لله رب العالمين.