صحف: مظاهرات إيران.. إحباط وغموض واستقطاب
لوفيغارو: ما يحدث بإيران تذمر يعكس الإحباط المكبوح منذ سنوات عدة (الأوروبية)
الذي يحدث في إيران “تذمر يعكس الإحباط المكبوح منذ سنوات عدة”، تغذيه ثلاثة قرارات اتخذتها السلطات مؤخرا. وقد كشفت الأحداث استقطابا حادا في المجتمع الإيراني. هذا ما يلخص تعليق الصحف الفرنسية على الاحتجاجات التي شهدتها إيران في الأيام الماضية.
ففي تقرير لها عن هذه الأحداث قالت صحيفة ميديابارت إن المظاهرات، التي بدأت الخميس الماضي محدودة، امتدت لتشمل 20 مدينة، بما فيها العاصمة طهران، وهي تدق بذلك “ناقوس خطر للجميع”، على حد تعبير الصحيفة الإيرانية الإصلاحية آرماني.
وأضافت ميديابرات أن المتظاهرين رددوا شعارات تنم عن تذمر من نظام الملالي ومن سياسة بلادهم الخارجية من قبيل “اتركوا إيران أيها الملالي”، “تخلوا عن سوريا.. فكروا فينا”، في إشارة إلى النفقات الباهظة التي تتكلفها طهران لدعم نظام بشار الأسد.
لكن ما لفت انتباه الصحيفة أكثر هو رفع المتظاهرين لشعارات تدعو لعودة الشاه رضا بهلوي، والد آخر شاه (ملك) إيراني محمد رضا بهلوي، إذ رددوا “الله يرحمك يا شاه” و”دولة بدون شاه، دولة بدون نظام”.
وعزت الصحيفة اختيارهم للشاه الأب وليس الابن إلى تشدده تجاه رجال الدين ورفضه الإذعان لهم.
إحباط
وقالت لوفيغارو إن ذلك يعكس “إحباط الإيرانيين المكبوح منذ سنوات عدة”، فلم يسلم من انتقادهم أي أحد من المتنفذين، بل كانت نغمتهم أكثر شراسة، وطالت حتى رأس النظام، قائد الثورة علي خامنئي والحرس الثوري.. إلخ، بل كان السخط واضحا في كل مكان، فنهبت الجموع البنوك، وقلبت سيارات الشرطة رأسا على عقب وأحرقت دراجاتهم النارية.
لكن هذه “ليست ثورة ولا حركة سياسية، بل هي انفجار لأصناف من الإحباط بسبب الركود السياسي والاقتصادي الذي يعاني منه الشعب الإيراني”، على حد تعبير الخبير في مجموعة الأزمات الدولية لي فايزي فيما نقلت عنه صحيفة ليبراسيون.
وتغذي هذا الاستياء ثلاثة قرارات اتخذت مؤخرا حسب ما نقلت الصحيفة عن الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية كليمنت ثيرم، أولها إغلاق الحكومة للعديد من مؤسسات الائتمان التي كانت تئن تحت وطأة الديون، وثانيها ارتفاع أسعار البيض والدواجن مرة أخرى في ديسمبر/كانون الأول لتصل زيادة أسعاره خلال هذا العام فقط 50% وفقا لأرقام البنك المركزي الإيراني، وثالثها وهو الأسوأ، حسب ثيرم، أن الإيرانيين اطلعوا لأول مرة هذا العام على مخصصات المؤسسات الدينية ومراكز البحوث والمؤسسات الأخرى غير المنتخبة.
هذه المخصصات التي استفزت الإيرانيين، وهو ما أوضحه المحلل الإيراني أوميد ماماريان في تعليق له لموقع بازفيد قائلا “لقد علم الناس أن رجال الدين يستحوذون على نصيب الأسد من الميزانية، دون أن يخضعوا للمساءلة، في حين أن الحياة اليومية للإيرانيين أصعب وأصعب”.
استقطاب
فما يحدث يكشف شيئا فشيئا وجود استقطاب في المجتمع الإيراني، فريق ينعم بالمباني والسيارات الفاخرة في أحياء راقية تضاهي أحياء لوس أنجلوس، وفريق من ملايين من المواطنين والموظفين المدنيين والمتقاعدين والعمال والشباب يعملون في مهن لا تؤمن لهم حتى حاجياتهم الأساسية، حسب مقال للكاتب الإيراني في صحيفة أوريان 21 ميترا كيفان.
ولاحتواء هذه الاحتجاجات، أوقفت السلطات الإيرانية الوصول إلى الإنترنت على شبكات الهاتف المحمول لبضع ساعات، متهمة السعودية أو المعارضين للنظام في أوروبا بالوقوف وراء معظم المعلومات المنشورة على الشبكات الاجتماعية تحت وسم “#احتجاجات_إيران”، مما حدا بهذه السلطات إلى تعليق الوصول لبرنامج إنستغرام لساعات بعد ظهر يوم الأحد، قبل فتحه من جديد.
وحسب لوفيغارو فإن بعض الإيرانيين يتوجسون مما ستؤول إليه الأمور إن لم يتم احتواؤها بسرعة، فحالة الغموض السائدة جعلت العديد من متظاهري العام 2009 يؤثرون البقاء في منازلهم، رافضين الانضمام حتى الآن إلى هذه الحركة الاحتجاجية.
وتنقل الصحيفة في هذا الإطار عن خبيرة في علم الاجتماع كانت ضمن الناشطات في حراك 2009 قولها “الحقيقة أننا لا نعرف هوية محركي هذه الاحتجاجات ولا مقصدهم، وأنا “بصراحة خائفة جدا”.
المصدر : الصحافة الفرنسية + الجزيرة نت