علي أتبرا يكتب بالقلم السيالماذا يريد تجمع المهنيين؟!
* بعد الهرج والمرج الذي حدث بين القوى السياسية في اجتماعها مع اللجنة السياسية بالمجلس العسكري الانتقالي في قاعة الصداقة وبعد حرب البيانات المتبادلة بين مكونات قوى الحرية والتغيير اتضح أنه بعد كل هذه العقود من السنين لا زلنا نراوح في الدورة الخبيثة (ديمقراطية، إنقلاب عسكري، ثورة شعبية، فترة انتقالية، ديمقراطية…..) و(الساقية لسه مدورة).
* الثورة الشعبية المتوجة بانضمام الجيش لها نجحت في اقتلاع النظام الذي تسمى شرعيته في علم السياسة (شرعية الواقع) ولا يكتمل المد الثوري إلا بإرساء قواعد الشرعية الدستورية ولا تستقر الشرعية الدستورية إلا بتفويض من الشعب.
* استعجال تجمع المهنيين للانتقام من الخصوم السياسيين والضغط على المجلس العسكري ليمارس دور القضاء أو يحول بينهم وبين رموز النظام السابق بحكومة مدنية مطلقة الصلاحيات مكونة من الأحزاب التي اختبأت وراءهم طيلة فترة الحراك الثوري، سينتج ثورة مضادة.
* يتساءل المراقبون كثيراً لماذا لا تريد قوى الحرية والتغيير أن تحتكم أولاً لصناديق الاقتراع وهي التي تنادي بالحرية والديمقراطية؟! ولماذا يطالبون بجعل الفترة الانتقالية التي على رأسها العسكر أربعة أعوام بدلاً عن عامين؟! ألم يهتفوا من قبل ضد حكم العسكر؟! ألم يتغنوا من قبل سقوط النظام: (رص العساكر رص)؟! والإجابة واضحة: فهي لا تثق في الجماهير التي خرجت ثائرة على النظام السابق أن تصوت لها. فدوافع السواد الأعظم من الجماهير هي غير دوافع وأجندة قوى الحرية والتغيير.
* من يذكر تجمع المهنيين الممثل الميداني لقوى الحرية والتغيير الذي لا زال يذبح الذبائح ويستجلب الفنانين ليغنوا أمام مبنى القيادة العامة للقوات المسلحة حتى لا ينفض سامر الشباب من حولهم، من يذكرهم أن ثورة الشعب ماكان لها أن تنجح لولا تضامن الجيش معها؟ ومن يقول لهم إن الجيش الذي حماهم وهم عزل هو نفسه الجيش الذي يرى من واجبه حماية خصومهم السياسيين المعتقلين بعد أن جردهم من السلطة والسلاح حتى يقدموا للمحاكمة. ومن يسألهم: ألا يستحق هذا الجيش الباسل الاحترام وإفساح المجال له ليعالج قضايا البلاد المعقدة في السياسة والاقتصاد والأمن… ؟ ومن يذكرهم أن أنصار (تسقط بس) يمكن أن يتحولوا أنصاراً لـ(تجمع المهنيين لا يمثلني) وهي ثورة مضادة تتخلق الآن في تساؤلات الشارع: (ماذا يريد تجمع المهنيين من المجلس العسكري؟!) ولماذا يصر هذا التجمع أن تكون حلول القضايا المعقدة التي استمرت لعقود من الزمان في لحظة واحدة؟! ولماذا لا يثق هذا التجمع في وعود هذه المؤسسة العظيمة التي جنبت البلاد حمامات من الدم كانت وشيكة؟!
* في تقديري أن المجلس العسكري سيضيع وقتاً ثميناً وهو يحاور من رأيناهم في قاعة الصداقة.. وأريد أن أقترح عليه أن يجري استفتاءً عاجلاً لتحديد أوزان الأحزاب القائمة والتي ستقوم، خلال ثلاثة أشهر لاتزيد ثم يبدأ الحوار مع القوى السياسية حتى يعرف مع من يتحدث وكم هو وزنه الجماهيري لإيقاف هذا الهرج والمرج.
ولك اللّٰه يا سودان.
الصيحة