علي أتبرا يكتب بالقلم السيال التفلتات نذير الانفلات
التفلتات المعزولة في وضع يسود فيه القانون تعتبر واحدة من اللوازم السالبة في أي مجتمع. لكن سلسلة التفلتات التي صاحبت ثورة ديسمبر وخاصة بعد انتصارها، تنذر بالانفلات. والانفلات يعني موت القانون وانهيار الدولة. فأي احتضار للقانون ننتظره بعد أن أصبحنا لا نطمئن على أنفسنا ونحن نسير في شارع النيل الذي فيه القصر الجمهوري ومعظم الوزارات الاتحادية ورئاسة حكومة ولاية الخرطوم؟! لقد أصبح (شارع الغابة) أكثر أماناً من شارع النيل! ويصرُّ المجلس العسكري أن يشعرنا أن الأمر تحت السيطرة! بينما طلاب السلطة يريدون أن يقولوا لنا إن هؤلاء الحكام عاجزون عن حتى عن توفير الأمن للمواطن. ولا يهم طلاب السلطة ما إذا كانت التعبئة الخاطئة للشباب ستقود إلى مزيد من سفك الدماء والخراب.
* وبين هؤلاء وأولئك يؤسفنا أن نرى الخرطوم تعج بأخبار النهب والموت الرخيص وتجارة المخدرات والرذيلة.. وكل ذلك تحت غطاء الثورة!
* فتعالوا نقرأ أبرز ظواهر التفلت في الأسبوع الفائت وحده: * ماتت سيدة حبلى برصاصة قالوا إنها طائشة! وقتل الشاب عزمي فتحي عمداً برصاص نظامي في خلاف شخصي خارج ساحة الاعتصام وخارج ما يعرف بالمنطقة المحررة (كولمبيا) وكر المخدرات والرذيلة. وتم الاعتداء على أكثر من عشرين عربة للمارة بشارع النيل بتحطيم الزجاج ونهب المواطنين. وتم الهجوم على عربة الشرطة التي تقل عدداً من الصحفيات بشارع النيل. تم الاستيلاء على عربة عسكرية تابعة للدعم السريع والدخول بها إلى ساحة الاعتصام وتشليحها. تمت إعاقة إقلاع طائرة تابعة للخطوط الجوية العربية السعودية لمدة ساعتين من (ثوار) أو بالأحرى متفلتين داخل مدرج المطار الرئيس بالبلاد. تمت استباحة مكتبه جامعة الخرطوم التي خلت من طلابها واحتلها المحششون. تمت في الأسبوع الماضي عودة عصابات النيقرز بأطراف مدينة أمبدة وترويع المواطنين بالسواطير والعصي وضربهم ونهبهم. وظهرت عصابات تلبس الميري وتنتحل صفة القوات النظامية وتنهب جهاراً نهاراً ومنها عصابة اقتحمت شقة الأجنبي الذي يدير مصنع تشغيل الذهب وهددته وأسرته بالسلاح بزعم أنها تبحث عن العملات الأجنبية المخبأة وأجبرته على فتح المصنع والخزانة في الشقة المجاورة لتنهب (7) كيلوجرام من الذهب تخص عدداً من تجار الذهب. وفي الأسبوع الماضي يتوغل الشفتة من دولة مجاورة في الأراضي السودانية ويعتدون على المزارعين وينهبون ممتلكاتهم.
* كل هذه التفلتات حدثت في أسبوع واحد وعندما كنا -مبكراً- نتحدث عن التفلتات ونحذر من الانفلات كان حديثنا يقابل باللامبالاة من طرف وبتصعيد الأحداث من طرف آخر. والآن التفلتات ماثلة والانفلات وشيك ولم يبقَ له إلا أن يعلن عن نفسه. وطلاب الحكم هؤلاء يرون الفعل الاستفزازي الذي يقوم به بعض الشباب تجاه القوات النظامية وإضعاف هيبتها عملاً ثورياً يستحق التمجيد وطلب المزيد ويسعدهم أن يتفلت نظامي مخمور فيقتل نفساً جعل الله قتلها بغير حق يعدل قتل الناس جميعاً!!
* وليس أمامنا الآن إلا واحد من سبيلين: أن يملأ المجلس العسكري قاشه ويحسم الفوضى السياسية والأمنية بالبلاد ويعلن انتخابات مبكرة أو الانفلات والدمار.
الصيحة