علي أتبرا يكتب بالقلم السيال المخدرات!
* بعيدا عن نظرية المؤامرة هناك عوامل عدة تضافرت لتجعل تجارة المخدرات تجارة منتعشة وتعاطيها رائجا بين الشباب.
* تحتشد مئات الأنواع من المخدرات تحت ثلاثة عناوين هي المخدرات المهلوسة كالبنقو (البانجو) والمخدرات المنشطة كالأمفيتامين والمخدرات المهدئة كالمورفين. وكلها مدرة للمال. والمتاجرة الدولية فيها هي إحدى الجرائم العابرة للحدود. وتقول اﻹحصاءات العالمية المنشورة إن أكبر المنتجين للحبوب المخدرة في منطقتنا يوجدون على اﻷراضي السورية واللبنانية ويصدرونها إلى دول المنطقة كدول الخليج والسودان.
* بينما ثبت أن المخدرات جميعا تؤدي إلى بعض أو كل النهايات اﻵتية: الجنون، الامراض العقلية اﻷخرى، العقم، الانتحار، العنف، الإرهاب، الانحرافات الجنسية، السرقة، تزييف العملة، ترويج العملة المزيفة، الحصول على المال بكل السبل غير المشروعة. وعلى مستوى المجتمعان فهي تدمر أهم الموارد وهو المورد البشري والطاقة المنتجة وبالتالي تدمر اﻻقتصاد كما تؤد إلى انحلال المجتمع وصعوبة رمه من جديد. وكل هذه المفردات تصلح أن تكون تراجيديا متعددة تعمل عليها كل قنواتنا التلفزيونية ومحطاتنا اﻹذاعية. ولكن الغناء والموسقى أقل تكلفة وأكبر أهمية!!
* من أهم اﻷسباب التي ساعدت على تفشي المخدرات في بلادنا حتى قفزت نسبة المتعاطين لها خلال السنوات الخمس اﻷخيرة (حسب إدارة مكافحة المخدرات بولاية الخرطوم) من 5% إلى 19% وسط الطلاب والشباب هي – أولا: تراجع دور اﻷسرة التربوي وغياب الصحبة بين اﻵباء واﻷمهات من ناحية والأبناء من ناحية أخرى. وثانيا: المفارقة المذهلة بين العالم اﻻفتراضي المخملي الذي يعيش فيه الشباب من خلال الشبكة العنكبوتية وعالم الواقع المرير الذي يجدونه أمامهم بمجرد إغلاق (بيانات الهاتف) أو (نوافذ الحاسوب). أو حتى شاشات القنوات العالمية. وثالثا: نظام التعليم الذي يقود إلى العطالة. ورابعا: عدم استهجان المجتمع للفعل؛ فهو يتبسط مع المتعاطين، ويرفق بهم، ويحنو عليهم، ويستلطف كلامهم، ويتناقل نكاتهم وقفشاتهم، وكأنه حفي بهم، لا يرى عليهم بأسا فيزين عالمهم للناشئة دون أن يدري.. ولك عزيزي القارئ أن تضيف خامسا وسادسا.. وهلمجرا.
* قالت الدكتورة أمل البيلي وزيرة الرعاية بولاية الخرطوم في منبر طيبة برس قبل أمس: إن سبعة آلاف ترددوا على مركز (حياة) لمعالجة اﻹدمان منذ العام 2014 وحتى اليوم. وهذا عدد ضئيل جدا مقارنة بنسبة الراغبين في الخروج من هذا العالم الساحق الماحق. وقد بلغت نسبة الراغبين في الخروج حسب الدراسة التي أعدها البروفيسور شمس الدين زين العابدين ونشر بعضها الصديق الصحفي سنهوري عيسى في الزميلة (الرأي العام) قبل بضع سنوات 57.1% فرجاؤنا أن تكون معالجة المدمنين من اﻹدمان دون إثبات شخصية؛ حتى ولو بأسماء مستعارة. ليقبل الراقبون على مراكز العلاج على قلتها.
* كما نأمل في تقوية مستوى اﻹجراءات وتشديد العقوبات على الزارعين للمخدرات والصانعين والمتاجرين والمتعاطين والمتعاونين الميسرين لها الحركة. وبالبمناسبة ماذا عن تلك الحاويات؟!
* الله المستعان.
الصيحة