علي أتبرا يكتب بالقلم السيال : حضوران في أبوجنزير
هل أصبح ميدان أبوجنزير مسرحا للدراما السياسية بنوعيها الكوميدي والتراجيدي؟! فقبل بضع سنوات شهد ميدان أبوجنزير (كوميديا) حضور الراحل محمد إبراهيم نقد السكرتير (السابق) للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني. والثﻻثاء الماضي كان هذا الميدان موعدا مكانيا للقاء المتظاهرين وكان اللقاء هذه المرة عبارة (تراجيديا)
* عندما اتفقت أحزاب المعارضة في المرة اﻷولى على التجمع في ميدان أبوجنزير، والأحزاب لم تأت ﻻ بقياداتها وﻻ بجماهيرها ووجد نقد نفسه وحيدا في الميدان فتناول كرتونة ملقية على اﻷرض وكتب عليها العبارة الشهيرة (حضرنا ولم نجدكم) وهي عبارة يشوه بها الزائر المغتاظ من عدم وجود المزور في بيته رغم أنه لم يخطره بالزيارة! يشوه بها الباب أو الجدار بفحمة حاقدة تترك أثرها لونا وخدشا على طﻻء اﻷبواب والجدران. لكن نقد سلك سلوكا حضاريا وكتب على أشهر قطعة كرتون سياسية بالقلم ولم يكتب بالفحمة على نصب أو (بيان) أبوجنزير. وكان تعامل جهاز اﻷمن معه محترما كما ذكر هو وقتذاك ﻷجهزة اﻹعلام. فبعد أن طلبوا منه الركوب معهم أخذوه إلى رئاسة الجهاز وقدموا له العصير والقهوة ثم أوصلوه إلى داره فشكرهم. ولم يحققوا معه ربما لفشل المظاهرة.
* ووتتمثل التراجيديا في مظاهرة الثﻻثاء الماضي فقد دعت جهة مجهولة سمت نفسها بكيان المهنيين للتجمع في ميدان أبو جنزير لتسليم مذكرة للقصر. وقد وزعت جهة وضعت كلمة (Union) في شعارها وبحثت عن هذه الكلمة في اسمها المكتوب باللغة العربية فلم أجدها واسمها كاﻻتي: (لجنة أطباء السودان المركزية) وزعت هذه (اللجنة المركزية) بيانا دعت فيه لهذا التظاهر ورغم (مجهوليتها) فقد استجاب لها من لم يستجب لدعوة أحزاب (حضرنا ولم نجدكم) وكلف ذلك الحكومة حشودا عسكرية وأمنية فرقت المتظاهرين. ولكن، هل سألت الحكومة نفسها لماذا لم تستجب الجماهير لدعوة الجهة المعلومة واستجابت لدعوة جهة مجهولة؟! الجواب هو: الناس أخرجها ضيق العيش وعدم مخاطبة الحكومة لﻷزمة خطابا مناسبا يدعمه الفعل.. بل السؤال: أين هو خطاب الحكومة للأزمة في اﻷصل؟! لﻷسف ﻻيوجد حتى اﻵن خطاب حكومي يطمئن هذا الشعب الذي ظل ينتظر الخطاب والفعل معا.
* ورغم أن مظاهرة أبو جنزير الثانية لم توصل مذكرتها السياسية إلى القصر أيا كانت فحواها إلا أنها أوصلت الرسالة المهمة التي أشرنا إليها وهي تقول إن أكثر الشباب الذين تظاهرو أخرجهم ضيق العيش كسبب أول ومباشر. وعلى الحكومة أﻻ تهدر الموارد في ردة فعل سياسي أمني أكبر من الحدث؛ وعليها أن توجه مجهوداتها لسواد الشعب اﻷعظم الذي لم يخرج ولم يظاهر وﻻ يطلب سوى ضرورات الحياة بﻻ صفوف وﻻ ضوائق وبالسعر المناسب، والسلام.
الصيحة