علي أتبرا يكتب بالقلم السيال شلعوها الشوايعة
* هذا العنوان جاء على نسق اسم قرية (شلعوها الخوالدة) في الجزيرة الخضراء. وأنا لم أتعرف حتى اﻵن على الخوالدة الذين شلعوها ويشرفني التعرف إليهم. كما أني لا أدري متى شلعوها؟! وكيف شلعوها؟! ولم شلعوها؟! وبم شلعوها؟! (وهي سوت شنو عشان يشلعوها؟! والشلعوها دي ذاتها هي مين؟!) لكني أعرف كل هذا عن (الشوايعة) وما شلعوا.
* خرج الناس محتجين على التقافز الجنوني لﻷسعار، وصفوف الخبز المذلة، وصفوف الوقود وظهور الحكومة وكأنها عاجزة عن فعل شيء، والتعبئة التي وصلت مداها من قبل الحكومة نفسها في أعلى مستوياتها ضد الفساد بجانب المعالجات المتباطئة من قبل الحكومة ذاتها في هذا الشأن!
* بيد أنه لما انتهزت بعض أحزاب الحوار هذا الظرف فقفزت من مركب حكومة الوفاق كانت بذلك قد قدمت -من حيث ﻻ تدري- خدمة للحكومة ما كانت في حسبان أكبر متنبئي السياسة. فهي قد إثارت غيرة الشيوعيين الذين تعجلوا اللحاق بالثورة والدفع بواجهات حزبهم في اﻷحداث اﻷخيرة ومحاولة ركوبهم موجة اﻻحتجاجات وسرقة الثورة بﻻفتات حسبوا أنها تفوت على فطنة الشباب المحتجين.
* الشيوعيون غاروا من انتهازية غازي صﻻح الدين ومبارك الفاضل ﻷنهما ألمع من جميع قيادات الشيوعي وأكثر حضورا إعﻻميا فخافوا أن يسبقاهم فيشكﻻن رأس القاطرة اﻻحتجاجية التي انطلقت بﻻ رأس فوقع الشيوعيون في فخ لم ينصبه لهم أحد!
* عوامل عدة أدت إلى تهدئة خواطر المحتجين على تردي اﻷوضاع المعيشية: أبرزها اختفاء صفوف الخبز والبنزين نسبيا وهبوط سعر الدوﻻر من (80) إلى (52) جنيها واستعداد أصحاب العمل لبث أسباب الحياة في شرايين الجهاز المصرفي بمبادرة (إيداع). وعزوف غالب الشعب عن الخروج رغم أن هذه اﻻحتجاجات كانت هي اﻷكبر واﻷوسع انتشارا في مواجهة اﻹنقاذ. كما كان لﻷعمال التخريبية من حرق وكسر ونهب دور كبير في إحجام المحتجين غير المسيسين عن الخروج. وكان للحسم الذي واجهت به القوات النظامية اﻻحتجاجات ومقابلتها العنف بعنف مضاد دور كبير في العد التنازلي لﻻحتجاجات.
* ويبقى اللغز السياسي المحير هو أن إعﻻن (تجمع المهنيين) اﻻبن الشرعي للحزب الشيوعي وحلفاؤه المنسقين معه حديثا وهم تنظيمات: (قوى اﻻجماع الوطني) و(نداء السودان) و(التجمع اﻻتحادي المعارض). هذا اﻹعﻻن المشترك عن مواصلة تنظيم المواكب السلمية. جاءت بعده مباشرة مظاهرة قبل أمس الجمعة مخيبة لﻵمال. فكانت اﻷكثر هزاﻻ واﻷسرع تﻻشيا!!
* لكن ظهور الشيوعي محمد يوسف المصطفى ناطقا باسم (تجمع المهنيين) وهو عضو وفد التفاوض للحركة الشعبية جناح عبدالعزيز الحلو يبقى هو قاصمة الظهر للاحتجاجات المعاشية السلمية التي نرى أن رسالتها كانت شرعية ومستحقة.
* وذلك ﻻ يعني أن تتنفس الحكومة الصعداء وتدخل رأسها في (الخمارة) مرة أخرى بل عليها أن تفرز الكيمان وتنحاز لهؤﻻء المغلوبين على أمرهم الذين يسرق البعض قوتهم ويسرق البعض اﻵخر ثورتهم. كما حاولوا ذلك من قبل في سبتمبر 2013م. أو (التالتة واقعة) إذا لم تستفد الحكومة من الدرس.
الصيحة