علي أتبرا يكتب بالقلم السيال قتل قسيس وأسقف

* لن أتحدث عن الاغتيال السياسي فهذا شأن قد (يودينا) أو يودي بنا في داهية ولكن تسييس قتل النفس شأن يستحق التناول.

* القس الكيني فيكتور لوك قتل بإطلاق النار عليه قبل بضعة أيام بمنزله بولاية كوك بجنوب السودان. وقتل قبله ببضعة أشهر في جوبا الأسقف الكيني جويل مويندو خنقا على يد فتى جنوب سوداني.

* معلوم أن كينيا هي (فاتيكان) أفريقيا وفيها مركز الكنائس الأفريقية وهي تصدر الإرساليات وتدرب القساوسة، وكان منظورا أن يكون الكينيون -وخاصة الرموز الدينية منهم- موضع حفاوة لدى الأفارقة جنوب الصحراء.

* لكن ما يهمنا هو أن أمر قتل القس والأسقف لم يعتبر متعلقا بالدين ولم تدمغ به الحكومة ولم يجد حظه من الاهتمام العالمي. كما يحدث ذلك فيما لو وقع القتل في دولة يكون رئيسها حاملا لاسم من أسماء المسلمين!

* لم يتهم أحد القتلة هؤلاء بأية تهمة تتعلق بالدين مثل التطرف أو التعصب مثلا، رغم أن القتيلين يحملان الدين صفة وسمتا ووظيفة.

* ورغم أن صوتنا لا يسمع بعيدا إلا أننا نسجلها في صحائفنا عند السميع البصير الذي يسمع ويرى دبيب النملة السوداء في الصخرة الصماء في الليلة الظلماء، أننا ندين قتل اﻷبرياء العزل اﻵمنين في مساكنهم وفي معابدهم وفي كل مكان لأن ديننا يحرم قتل النفس إلا بالحق.

* كما نستهجن نهج (الخيار والفقوس) الذي ينتهجه أدعياء حقوق اﻹنسان وحماية الأديان. الذين لا يرقى الأفريقي عندهم إلى مصاف الإنسانية حتى وإن اتبع ملتهم. وإلا فلنفترض أن المبعوثين الدينيين القتيلين هذين لو لم يكونا من فاتيكان أفريقيا وكانا من فاتيكان أوروبا، كيف يكون الموقف العالمي؟! وكم هي المعاناة التي ستعانيها دولة جنوب السودان؟! يشهد الله أني على قناعة تامة أن اﻹنسان الذي يعنونه بحقوق اﻹنسان هو اﻹنسان اﻷبيض الذي يتبع ملتهم لا سواه.
* لن يستقيم العدل في العالم مالم تكن حرمة دم اﻹنسان هي من أجل إنسانيته لا من أجل عنصره الذي ينحدر منه أو جنسيته التي يحملها أو ديانته التي يعتنقها.

* وليتهم يقرأون ويفقهون قول الله تعالى: (من أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ) المائدة (32). فقتل النفس أي نفس هو كقتل الناس جميعا.

الصيحة

اقرأ أيضًا
تعليقات
Loading...