علي أتبرا يكتب بالقلم السيال كبسولتان
* منذ بضعة أشهر كتبت وكتب آخرون عن ضرورة إنشاء بورصة للذهب ورفع يد البنك المركزي عنه وتحرير سعره ولم تستبن السلطات النصح إلا ضحى الغد!
* لعل ما أشرنا إليه في هذه المقدمة يجعل صانع القرار ينتبه لهاتين الكبسولتين . فاﻷولى متوسطة المدى في التأثير الإيجابي من أجل معالجة حالنا المعاشي واﻻقتصادي المائل. والثانية بعيدة المدى في إصلاح شأننا العام.
* ففي المجال اﻻقتصادي ﻻ يصلح حالنا إﻻ بما صلحت به شعوب كانت في مثل حالنا فتحولت إلى شعوب منتجة ليس بالصناعات الثقيلة كما نهضت بريطانيا في قرون سابقة. وليس بالتكنولوجيا كما نهضت اليابان في القرن الماضي وليس بالشعارات كما ادعينا قريبا أننا نصنع الطائرات! وإن كان كل ذلك ممكنا إذا توفرت اﻹرادة القائمة على أرضية من النظام والشفافية واﻻلتزام. ولكن الصناعات الصغيرة هي اﻷنسب لنا كما نهضت بها ماليزيا والهند والصين. نعم الصناعات الصغيرة هي اﻷنسب ومنتج واحد لكل تجمع سكاني أو بيئة معينة. على أن تقود منظمات المجتمع والجمعيات عمليات التسويق الداخلي بينما تقوم الدولة بالتسويق الخارجي عند تحقيق الفوائض.
* أما على المدى الطويل فنحتاج إلى صياغة تبدأ من ثورة فكرية وفقهية تخلصنا من ثقافة (القطيع البشري) والتقليد واﻻنقياد خلف الفكي والشيخ والطائفة والحزب… واﻻرتهان للتاريخ والشعارات الجوفاء. وبجانبها ثورة تعليمية تبدأ من المناهج التي ثبت عدم جدواها في التنشئة اﻷخلاقية والتربية الوطنية وغرس قيم العمل. وبجانب المناهج ﻻبد من تعديل وضع المعلم الذي ينبغي يكون في أعلى الرتب والرواتب.. ليس معلم اليوم الذي لﻷسف فاته الدخول للكليات المغلقة برغبات اﻷذكياء وإنما المعلم الذي يتم ترغيبه في دخول كليات التربية بنفس نسبة كليات الطب والهندسة والصيدلة والبيطرة واﻻقتصاد… وذلك بصرف راتب له وهو طالب ثم جعل راتبه هو الأعلى وهو معلم ليقود حركة التربية والتعليم اﻷذكياء المستقرون ماديا الواثقون من مقدراتهم وملكاتهم المتمكنون من الحلول اﻵنية ﻹشكاﻻت التربية الحديثة واﻹجابة عن تساؤلات النشء الناتجة عن مفترق الطرق الذي وضعتهم فيه العولمة بحسناتها وسيئاتها. وعن المعلم كمرتكز للنهضة اﻻجتماعية الشاملة اسألوا سنغافور وماليزيا.
* قد يقول قائل نحن في قضايا معاش اليوم وأنت تتحدث عن النهضة الشاملة؟! فأقول ما نهضت تلك اﻷمم إﻻ لأنها كانت تخطط للنهضة من تحت الحطام وعلى الركام.
الصيحة