علي أتبرا يكتب بالقلم السيال : ما هكذا تورد اﻹبل يا رزق!

* كنت أحسب أن الخلاف كان جوهريا حول قانون اﻻنتخابات وأن انسحاب (32) حزبا كان مؤسسا على حجة. لكن ما وجدت إلا مستوى غريبا من المماحكة السياسية التي يقودها حسن رزق من خلال حزبه وتحالفاته ضد إخوان الأمس.

* كنت أظن -وبعض الظن إثم- أن المؤتمر الوطني زور ما اتفق عليه مع المعارضة حول قانون اﻻنتخابات. وأنه استدرجها لجلسة إجازة القانون ثم غدر بها. حتى تبين لي أن الطرفين اتفقا على (108) مادة من مواد القانون اتفاقا كاملا. وأن المادة التي جعلت رزق (يقوم بجماعتو) ويغادر قبة البرلمان لم يكن رأي الوطني فيها ورأي المعارضة متوازيين وإنما نسبة اﻻتفاق على هذه المادة نفسها هي أعلى من نسبة الخلاف حولها كما سنرى.

* المادة المختلف عليها (زعما) هي المادة التي تحدد مدة عملية الاقتراع فالمؤتمر الوطني يرى أن تكون ثلاثة أيام ويرى حسن رزق وجماعته كما قال هو بالنص الذي نقله عنه الزميل الصحفي النابه عبدالرؤوف طه في عدد (الصيحة) ليوم أمس. قال رزق: (نحن قدمنا مقترحا لا يتقاطع مع الثلاثة أيام، وقلنا أن تكون مدة الاقراع يومين ويحق للمفوضية أن تمدها ليوم ثالث. بالتالي لم نقل إننا ضد الثلاثة أيام) عندما قرأت هذا الكلام وجدت نفسي تحدث نفسي بصوت جهير قائلة: (طيب يارزق مقوم نفسك وقايم بجماعتك فوق شنو؟!!)

* لم أجد سببا لانسحاب رزق وجماعته إلا محاولة إذلال الأغلبية الميكانيكية في البرلمان وهو لعمري سلوك سياسي مشين. لكن قد تمت إجازة قانون الانتخابات بأغلبية ساحقة حتى بعد انسحاب (32) حزبا معارضا.

* بينما قال رزق إنهم حققوا مكاسب ذكر منها: (كسبنا تماسك كتلة التغيير) وأردف: (كسبنا زخما إعلاميا) بينما بدأت الكتلة تفقد أعلى صوت إعلامي فيها هو صوت المنبر بجانب آخرين. وأما قوله: (كسبنا الوفاق والجانب اﻵخر خسر الوفاق بعد إجازته للقانون باﻷغلبية الميكانيكية) جعلني أتساءل: هل الوفاق وفاقان أحدهما مكسوب واﻵخر (مخسور) أم هو وفاق واحد يجمع الوطني وحلفاءه وأحزاب المعارضة؟!! وهنا أرى رزق يسعى حثيثا لمقاطعة الانتخابات. وأظن أن مشكلته هي اﻻنتخابات نفسها وليس قانون الانتخابات. ومن هذا المنطلق حق لي أن أبشرك يا رزق بمزيد من الانشقاقات كما أبشرك أن النواب المستقلين وهم أكبر كتلة برلمانية معارضة -هم على اﻷقل- لن ينفذوا معك مقاطعة اﻻنتخابات.

* بقي أن أذكر رزق أنه عندما كان مع المؤتمر الوطني وتبوأ أعلى المناصب فكان واليا ثم وزيرا اتحاديا ولم يبق أمامه إلا منصب رئاسة الجمهورية كان المؤتمر الوطني أشد بأسا وأحكم قبضة وأكثر إقصاء للآخر فلماذا لم يعارضه حينها؟! ولماذا تشتد معارضته له اﻵن وهو قد أصبح أكثر انفتاحا على اﻷخرين؟!

* كنا نمني أنفسنا بمعارضة موضوعية قوية الطرح مقنعة اﻷداء جميلة اﻷخذ والعطاء من أجل الوطن لكن يبدو أننا لا زلنا -جلنا إن لم نكن كلنا- في طور المراهقة السياسية. وما هكذا تورد الإبل يارزق.

*(الصيحة)*

اقرأ أيضًا
تعليقات
Loading...